أثار تهاوي أسعار النفط على مدار الأشهر الستة الماضية، تكهنات خبراء الاقتصاد والطاقة، بتغير خريطة دعم نظام بشار الأسد في سورية خلال الفترة المقبلة، خاصة أن اقتصاد روسيا وإيران وهما من أكبر داعميه يتعرض لضغوط شديدة بفعل انخفاض الأسعار.
واعتمد نظام الأسد على إيران وروسيا المنتجتين للنفط لمساعدته على شن حرب على الثورة منذ ما يقرب من أربع سنوات وفي تدعيم عملة تتعرض لضغوط، لكن الاعتماد الأكبر كان على طهران وفق الاتفاقات الاقتصادية والتجارية المكثفة خلال الفترة الأخيرة.
وتواجه البلدان المصدرة للنفط، والتي تعتمد بشدة على عائداته صعوبة في التكيف مع الواقع
الجديد، فبالنسبة لروسيا، شكلت إيرادات النفط والغاز 52% من إيرادات الميزانية الاتحادية وأكثر من 70% من إجمالي الصادرات في عام 2012، وفق بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، حسب تقرير لوكالة الأناضول.
وفي 2012 صدرت روسيا ما يقرب من 7.4 ملايين برميل يوميا من النفط، بنسبة 79% إلى الدول الأوروبية ونحو 18% إلى آسيا، وفي حال بقاء الصادرات النفطية الروسية على حالها، فإن الخزانة الروسية تتكبد خسائر فادحة تصل إلى 7.4 ملايين دولار يوميا إذا تراجع سعر البرميل دولارا فقط، لترتفع الخسارة إلى 2.7 مليار دولار في العام، بينما أسعار الخام هوت نحو 53 دولاراً منذ يونيو/حزيران الماضي، وبذلك تصل الخسارة إلى نحو 143.1 مليار دولار في العام.
ووصل العجز بميزانية روسيا إلى 310 مليارات روبل (9.2 مليارات دولار)، خلال العام الماضي، الذي وصل متوسط سعر خام برنت خلاله إلى 108.7 دولارات للبرميل.
وفيما يتعلق بإيران، فوفقا لصندوق النقد الدولي، بلغت عائدات تصدير النفط والغاز الطبيعي الإيراني في السنة المالية 2013/ 2014 نحو 56 مليار دولار.
وفي ظل تراجع أسعار النفط بنحو 53 دولاراً عن مستويات يونيو/حزيران الماضي وحال بقائها على هذه المستويات فإن إيران ستخسر نحو 21 مليار دولار في السنة، الأمر الذي يؤدي إلى انكماش الاقتصاد الإيراني وحدوث اضطرابات اجتماعية.
وتسعى إيران لإعادة التوازن إلى الاقتصاد بتقليل الاعتماد على النفط في موازنة العام المقبل البالغة 93.6 مليار دولار من نحو 50% إلى الثلث تقريبا، وسيكون الأدنى خلال عقود.
ويقول رجال أعمال ومسؤولون تجاريون سوريون، إنهم قلقون من تعرض شريان الحياة الاقتصادي الذي توفره إيران لضغوط بسبب انخفاض أسعار النفط، رغم رسائل الطمأنة العلنية التي تبعثها طهران أقوى حليف إقليمي لنظام الأسد.
وفي يوليو/تموز 2013 منحت إيران سورية تسهيلات ائتمانية قدرها 3.6 مليارات لشراء منتجات نفطية، حسبما أفاد مسؤولون ومصرفيون في ذلك الوقت. وجرى تخصيص مليار دولار أخرى لشراء منتجات غير نفطية.
لكن سورية سعت إلى الحصول على تطمينات بأن طهران ستحافظ على الوضع الراهن للمساعدات، بعد أن انخفضت الأسعار العالمية للنفط بنسبة 50% في يونيو/حزيران عندما سيطرت المعارضة على ما يصل إلى ثلث البلاد. وكانت الرسالة العلنية من إيران بالإيجاب.
ويقول محللون اقتصاديون إن هناك تخوفا لدى النظام السوري تسبب تراجع النفط في تغير خريطة الدعم الإيراني بشكل خاص.
وفقدت الليرة السورية حوالي 70% من قيمتها منذ 2011، كما خسرت 10% أخرى من قيمتها خلال الأسبوعين الماضيين وحدهما.
وقال مسؤولان مصرفيان كبيران تربطهما علاقات وثيقة بالمصرف المركزي، لرويترز إن إيران أودعت ما بين 500 مليون و750 مليون دولار في المصرف، منذ أكثر من عام استخدمتها السلطات لمساعدتها في الحفاظ على استقرار الليرة.
وأضاف المصرفيان بأن المصرف قام في الأسابيع القليلة الماضية في بيع الدولار لتعزيز الليرة في واحدة من أكبر عمليات السوق منذ بدء الحرب.
وفي مقابل التكهنات بتقليص إيران دعمها للنظام السوري في ظل تراجع أسعار النفط، قال محلل الطاقة، عبد القادر عبد الحميد”، لـ “العربي الجديد”، إن إيران تؤسس لمقايضات واستثمارات من خلال بيع النفط لنظام الأسد الذي يعجز عن تسديد ثمنه حالياً، وبالتالي فإن تصدير النفط لسورية في صالح إيران رغم تراجع الأسعار العالمية.
العربي الجديد – وطن اف ام