الشرق الأوسط ترصد تفاصيل المبادرة الفرنسية حول سوريا
نشرت صحيفة الشرق الأوسط، اليوم الخميس، تقريرا رصد تفاصيل اجتماع وزراء خارجية الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، الذي عقد اليوم صباحا بحضور أمين عام الأمم المتحدة، وأُدرج بطلب من فرنسا بندا ينص على تشكيل مجموعة اتصال خاصة بالحرب في سوريا.
وقالت الشرق الأوسط في تقريرها، إن هذا المشروع ليس جديدا، وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أول من تحدث عنه بشكل رسمي في شهر تموز الماضي وعهد بتنفيذه إلى وزير خارجيته جان إيف لو دريان.
وذكرت أنه خلال الاجتماعات التي أجراها ماكرون مع نظرائه رؤساء الولايات المتحدة الأميركية وإيران وتركيا، وأيضا من خلال اتصالاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكبار المسؤولين في الشرق الأوسط، كان مشروع مجموعة الاتصال حاضرا بقوة.
كذلك، لفتت إلى أن ماكرون خصص للملف السوري فقرات عدة في خطابه، أول أمس، في الجمعية العامة، وشدد على الحاجة إلى صيغة جديدة تكون نواتها الصلبة البلدان الخمس، وتضاف إليها الدول المؤثرة في الشأن السوري.
كما نوهت الصحيفة أنه وفق الرؤية الفرنسية، فإن هناك ثلاثة بلدان رئيسية يتعين أن تكون جزءا من المجموعة وهي المملكة العربية السعودية وتركيا وإيران، إلى جانب أن أوساط دبلوماسية فرنسية وعربية في باريس قالت للشرق الأوسط، إن مصر والأردن والعراق مهتمون بالانضمام إلى المجموعة.
لكن الجانب الفرنسي ليس متحمسا لتوسيعها، انطلاقا من حرصه على عدم استنساخ صيغة مجموعة الدعم لسوريا التي تضم 17 عضوا، أو مجموعة النواة الصلبة الداعمة للمعارضة السورية التي تضم 11 عضوا، تقول الصحيفة.
وأكدت الشرق الاوسط أن ولادة هذه المجموعة لن تكون سهلة فمن جهة تشدد باريس على الحاجة إلى المجموعة، لكن يرى الرئيس ماكرون، أن اجتماعات استانا، رغم النجاح الذي حققته في إيجاد مناطق خفض التصعيد، فإنها لا تكفي لإطلاق مسار سياسي، وبالمقابل مسلسل اجتماعات جنيف لم يحقق حتى الآن النتائج المرجوة، ومن جهة ثانية، تطرح مشاركة إيران في المجموعة إشكالية ربما تصعب على الحل بسبب الرفض الأميركي الجلوس إلى طاولة واحدة مع ممثلين عن طهران.
يتابع التقرير، أن الأمور زادت صعوبة بعد الخطاب الذي ألقاه الرئيس دونالد ترامب، وهاجم فيه إيران بعنف، معتبرها ديكتاتورية تسعى إلى امتلاك السلاح النووي، غير أن باريس تعتبر غياب طهران سينزع عن المجموعة فائدتها، وذلك بتصريح ماكرون قال فيه إذا لم يعملوا على الملف السوري بحضور إيران حول طاولة المفاوضات فلن يستطيعوا التوصل إلى أجوبة فاعلة.
وترى الشرق الأوسط أن الدبلوماسية الفرنسية ابتدعت حلا قوامه أن تبقى إيران خارج غرفة اجتماعات المجموعة وأن تلعب باريس دور صلة الوصل بين ما يقال في الداخل والطرف الإيراني في الخارج، سعيا منها للالتفاف على التحفظ الأميركي.
وعن هذا الحل، نقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية في باريس قولها، إنه ليس من المؤكد أن ينجح لو دريان في التسويق لهذا الحل، فمن جهة، لا شيء يضمن أن يقبل الرئيس روحاني ووزير خارجيته حلا يجعلهم على مدخل غرفة اجتماعات المجموعة بعد أن كانوا طرفا فاعلا في مجموعة الدعم لسوريا.
وتضيف المصادر أنه يتعين على باريس أن تأخذ بعين الاعتبار موقف موسكو والمعروف أن موسكو لم تعبر عن ترحيبها بالهيئة الجديدة التي تسعى باريس لإنشائها، إضافة أنها لم تقر بصيغة المخرج الفرنسي بحيث يتم استبعاد حليفتها إيران بسبب الفيتو الأميركي عليها.
تتابع المصادر أن موسكو لم تمانع من حيث المبدأ السير بالمشروع الفرنسي، إلا أن هناك الكثير من الشكوك التي تدفع إلى اعتبار أنها لن تسهل عملها في حال إنشائها، خصوصا أنها تمسك بالمبادرة ميدانيا ودبلوماسيا.
وترى المصادر الفرنسية، أن أحد أسباب ضعف المبادرة الفرنسية التي يراد لها أن تعيد باريس إلى دائرة الفاعلين في الملف السوري بعد أن استبعدت، كما بقية الأوروبيين والعرب من اجتماعات آستانا باستثناء الأردن الموجود فيها بصفة مراقب، وهمشت في اجتماعات جنيف، حيث إن فرنسا لا تملك حضورا ميدانيا فاعلا أو أوراقا سياسية قوية قادرة على تفعيلها.
وتوضح المصادر أن باريس تعتبر واشنطن، رغم مرور نحو ثمانية أشهر على دخول ترامب إلى البيت الأبيض، لم تبلور بعد رؤية سياسية متكاملة لمستقبل سوريا، وما زالت تحصر اهتمامها بأمرين هما دحر داعش واحتواء النفوذ الإيراني، ما يعني عمليا ترك الأمور لموسكو.
وحول فائدة المبادرة، نقلت الشرق الأوسط عن مسؤولين فرنسيين، قولهم، إن الرئيس بوتين في حاجة إلى الخروج من المستنقع السوري ولا سبيل أمامه إلا الحل السياسي الذي من شأنه وحده أن يضع حدا للحرب ويقنع ملايين اللاجئين السوريين بالعودة إلى مدنهم وقراهم.
وحسب المسؤولين الفرنسيين، فإن سوريا تحتاج إلى مئات المليارات من الدولارات لإعادة بناء ما هدمته الحرب، وبما أن لا روسيا ولا إيران قادرتان على ذلك، فهناك حاجة ملحة إلى دور مالي واقتصادي للغربيين ولبلدان الخليج.
وتشير الصحيفة إلى أن أحدا من الأطراف لن يضع قرشا واحدا طالما لم تحصل العملية السياسية، بغض النظر عن مصير بشار الأسد في هذه المرحلة بالذات، لذا وفق المنطق الفرنسي، تبرز هنا فائدة وأهمية مجموعة الاتصال التي حدد الوزير لو دريان مهمتها.
ولخص لودريان دور المجموعة بتوفير الشروط السياسية لوضع حد لأوزار الحرب في سوريا عن طريق التوليف بين المبادرات الموجودة والحد من التناقضات القائمة بين الأطراف الفاعلة في إطار المجموعة الدولية، وأخيرا توفير الدعم للمبعوث الدولي دي ميستورا.
وختمت الصحيفة تقريرها، بأن لو دريان نبه وبقوة من تفكك سوريا ومن أن يكون مستقبلها رهن الواقع الميداني في لحظة من اللحظات لأنه يعني بحسب ما أشار إليه، تفكك بنى الدولة من جهة وبروز تنظيمات أصولية إرهابية جديدة من جهة أخرى، والطريق لتفادي ذلك كله يمكن أن يمر عبر تبني المبادرة الفرنسية..
وطن اف ام