شهد العالم خلال الشهر الأخير، موجة تغيرات قد تستمر إلى الأبد، في حال زادت فترة الاجراءات الاحترازية، التي أعلنتها حكومات العالم، مع توقعات بأن يتغير وجه العالم كما نعرفه، وعالم الأعمال والاقتصاد، فضلاً عن العلوم والفنون.
وفق خبراء، من المتوقع أن تغير شركات كبرى في العالم، نظرتها إلى العمل من المنزل، بعد سنوات من رفضها للفكرة، شركات كبرى في العالم، مثل مايكروسوفت، وغوغل، وآبل، قالت إنها نجح موظفوها في العمل داخل المنزل، فيما أعلنت 13 شركة تقنية أوربية، عن أن موظفيها وبنسبة 100% نجحوا في العمل من المنزل.
الناشط السوري دلشاد عثمان، كتب قبل أيام عبر صفحته على فيسبوك، إن الشركة التي يعمل بها، تضم ما يزيد عن 130 ألف موظف، تمكن 70% منهم من العمل بنجاح داخل المنزل، فيما لا تزال البنية التحتية، صامدة أمام التغيير الكبير.
فرصة غير متاحة
لكن الإمكانية “العمل من المنزل” ليست متاحة لكثير من الشركات حول العالم، غانيك عن المهن الصغيرة، وقطعات مثل الخدمات السياحية والنقل، والغذاء، والصحة.
في المقابل يمتلك التقنيون والمبرمجون، والمحاسبون والصحفيون والمعلمون والكتاب، وغيرهم، كامل الحرية في ترك المكاتب، والبقاء في المنزل، دون أي اختلاف في الانتاجية.
لكن العالم، بمختلف دوله، أظهر خلال الأسابيع الأخيرة، قدرة عالية على التكيّف مع الظروف الجديدة، التي فرضها فايروس كورونا، ساعدت في ذلك، البنية التحتية الخاصة بالاتصالات في دول متقدمة، بالذات في الاتحاد الأوربي، المهيئ سلفاً لمثل هذه الظروف.
مهن إلى زوال
سيفرص الوباء على العالم، وعلى البشرية، طريقة جديدة في التكفير بمهن عمرها آلاف السنين، الباعة الجوالون والباعة في الأسواق الشعبية، قد يحلق بهم ضرر كبير، ويؤدي الوباء إلى انهاء اعمالهم واختفاء المهنة، بعد مخاوف من نشرهم، ليس لفايروس كورونا فحسب، بل أيضا، لشتى أنواع الفايروسات، مع ظهور انماط جديدة، من التصرفات البشرية الوقائية والصحية.
للتخفيف من أي تلامس بشري، قد يسبب عدوى، قد يلجئ العالم إلى الروبتات، كبديل عن البشر، في أعمال النقل والشحن وحتى التصنيع، في عملية قتل قد تكون الأكبر، بحق ممتهني، أعمال النقل في الموانئ والمطارات، والمعامل.
التعليم في مرمى التغيير
سريعاً أعلنت عدة حكومات في العالم، عن اطلاقها لمنصات التعليم الإلكتروني، مع قرارات إغلاق المدارس والجامعات، الحكومة التركية قالت إنها ستقدم نموذجاً للعالم حول التعليم عن بعد، فيما أعلن نظام الأسد، عن دروس مباشرة عبر القناة التعليمية، لتعويض ما سماه الفاقد التعليمي، مع قرار إغلاق المدارس.
ورغم ما يعنيه ذلك من تحديات، إلا أن شكل المدرسة والقاعة الجامعية، قد يطاله تغير جذري، على الأقل، من خلال تعزيز فرص التعليم الافتراضي المطبق، في مختلف جامعات العالم.
مهندس البرمجيات السوري المقيم في اسطنبول، وليد الشايب، كان أعلن خلال الأزمة العالمية الحالية، عن إطلاق منصة للتعليم عن بعد، وبشكل مجاني للناطقين باللغة العربية.
يتيح التعليم عن بعد، خيارات أكثر مرونة للدارسين والمدرسين، فالمنظومة التعليمية، مجبرة على تطبيق التعليم التفاعلي، بدلاً عن التلقيني، المطبق في مختلف جامعات العالم العربي على الأقل حتى اليوم.
العزلة، نمط اجتماعي إجباري
ظهرت شوارع نيويورك وباريس ولندن، خالية من أي مارة، في ليلة السبت، في مشهد لم يسبق له مثيل في التاريخ الحدث، أغلقت المطاعم ودور السينما والمسارح والصالات الرياضية، أجبر نصف مليار إنسان، وفق منظمة الصحة العالمية، على البقاء في المنزل.
الصورة المرعبة، للعزلة الاجتماعية، وما أوصت به المنظمة الدولية، وسمته “التباعد الاجتماعي” أتت سابقة لأوانها، بالنسبة لأكثر المتشائمين بمستقبل البشرية، حيث كان هؤلاء، يعتبرون أن الإنسان سيصل إلى لحظة، في المستقبل، يعيش فيها فردية غير مسبوقة بالنسبة للكائن المعروف بكونه اجتماعي.
اليوم، يبدو العالم، مسرعاً، نحو أن يكون البشر أقل قرباً من بعضهم بعضا، كما لم يحدث من قبل، حيث فرضت العزلة المنزلية الإجبارية، المزيد من التباعد في دول يعيش سكانها وحدة كبيرة، وفردية يراه سكان العالم، في الجنوب والشرق، مجنونة وغير ممكنة التحمل.
في الشرق الأوسط والدول العربية، المعروفة بترابطها الأسري، يبدو التباعد الاجتماعي، حكما صعباً، وأمرا مبالغ به، مهما كانت التكلفة الصحية، لكن ذلك لن يدوم طويلاً، سيتغير قريباً، حين سيفرض الفايروس أرقامه، في عداد المتوفين والمصابين.