بعد عدة ساعات من تسلل عشرات الطائرات المسيرة إلى العاصمة موسكو، مما ألحق أضرارا بمبنيين سكنيين، تظاهر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بأنه “غير منزعج، وكأن شيئا لم يحدث”، وفق تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، حيث يحاول إثبات أنه ” هادئ ومسيطر”.
والثلاثاء، تعرضت موسكو ومحيطها بـ”هجوم مسيرات غير مسبوق”. وسقطت مسيرات عدة فجرا على مباني في العاصمة الروسية الواقعة على بعد أكثر من 500 كيلومتر من الحدود الأوكرانية.
وأثار الهجوم الصدمة في نفوس السكان الذين كانوا يعتقدون أن النزاع يدور في مناطق بعيدة عنهم، وفقا لوكالة “فرانس برس”.
وأعلنت روسيا رصد ثماني مسيرات أوكرانية في موسكو ومحيطها، مؤكدة إسقاطها كلها، ووقع جزء من حطامها على مباني، ما أدى إلى إصابة شخصين بجروح طفيفة، بحسب ما أكد رئيس بلدية موسكو، سيرغي سوبيانين.
وقلل بوتين من الهجوم، قائلا إن نظام الدفاع الجوي في موسكو قد عمل “بشكل صحيح”.
وأضاف قوله: “رغم ذلك لا يزال هناك عمل يتعين القيام به”، مشيرا إلى أن القوات الروسية واجهت “نفس المشاكل” في قاعدة حميميم الجوية في سوريا.
وفق واشنطن بوست، فقد أظهر موقف بوتين “غير المبالي”، وبيان الكرملين الصامت بالمثل، الأربعاء، أن القيادة الروسية تبذل قصارى جهدها لإظهار “إحساس بالهدوء والسيطرة”، على الرغم من أن الهجوم دفع صحفيا من وكالة أنباء نوفوستي الروسية للتساؤل عما إذا كان كانت هناك خطط لتطبيق الأحكام العرفية كما طالب الزعيم الشيشاني، رمضان قديروف.
وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إنه لم تكن هناك مناقشات بشأن الأحكام العرفية، واشتكى من أن “الغرب لم ينتقد الهجوم”.
وقال: “كنا نفضل سماع كلمات إدانة من لندن وواشنطن بعد هجوم الطائرات بدون طيار على موسكو، لكننا رأينا مرة أخرى عدم وجود أي إدانة”.
وقال محللون إن بوتين بتظاهره بـ “الهدوء واللامبالاة” كان يحاول منع الذعر بين شعبه وصرف الانتباه عن نقاط الضعف في دفاعات روسيا.
ونفت أوكرانيا أي تورط لها في بالهجوم، وكرر كبار المسؤولين هذا النفي، الأربعاء، بالإضافة إلى نفيهم التورط مجموعة من الضربات المماثلة بطائرات بدون طيار في الأشهر الأخيرة.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في البداية إن ثماني طائرات بدون طيار نفذت الهجوم، وتم اعتراضها كلها.
لكن وسائل إعلام روسية أفادت بأن عدد المسيرات تراوح بين 10 إلى 30 مسيرة.
وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي طائرات بدون طيار تحترق في الحقول وتحلق فوق أحياء النخبة في العاصمة موسكو.
ردود فعل “متباينة”
الأربعاء، بدت ردود الفعل متباينة بين سكان موسكو الذين قابلتهم “واشنطن بوست”، حيث بدا البعض “غير مكترث” بينما اعترف آخرون بأنهم خائفون.
وقالت إيلينا (49 عاما)، والتي تعيش مقابل مبنى سكني تعرض للقصف على الطرف الجنوبي الغربي لموسكو، إنها “نامت خلال الهجوم لكنها استيقظت عندما تم إجلاء سكان المبنى”.
ووصفت مشهدا “غريبا” لأشخاص بدوا خائفين ومتعبين.
وأضافت قولها: “كان من المثير للصدمة أن تصيب إحدى الطائرات بدون طيار بنايتنا، والحرب قريبة جدا الآن، بالنسبة لي شخصيا، كان الأمر دائما قريبا جدا وكنت أعرف أن هذا الهجوم سيأتي قريبا”.
وكشفت إيلينا أن العديد من السكان “غاضبون” ويلومون السلطات والدفاع الجوي لعدم منع الهجوم.
قالت إيلينا: “أعتقد أن الكثير من الناس أصيبوا بالتوتر، لا أحد يمكن أن يكون مستعدا لمثل هذا الحدث، لن يطمئنك أي قدر من الدعاية، هناك شعور باللامبالاة المطلقة وانعدام الأمن”.
والأربعاء، قال أندريه كوليسنيكوف، كبير الزملاء في مركز كارنيغي بروسيا، “بينما اختار العديد من الروس تجاهل الحرب والاستمتاع بالطقس الدافئ، ذكرتهم أوكرانيا على الأقل بذلك”.
وأضاف كوليسنيكوف: “لا يمكن لسكان موسكو أن يشعروا إلا بقدر ضئيل بما يشعر به سكان المدن الأوكرانية، لكن هذا يكفي لجعلهم يفكرون قليلا”.
انتقادات لاذعة لوزارة الدفاع الروسية
انتقد بعض السياسيين والصقور المؤيدين للحرب فشل موسكو في منع طائرات بدون طيار من دخول المجال الجوي للعاصمة، وطالبوا برد “أشد قسوة”، حسب واشنطن بوست.
وفي انتقاد بالكلمات النابية لوزارة الدفاع الروسية، صرخ رئيس مجموعة “فاغنر”، يفغيني بريغوزين، قائلا “ماذا تفعل؟”.
وفي مقطع صوتي نشره عبر تلغرام، قال” لماذا تسمحون لهذه الطائرات بدون طيار بالتحليق إلى موسكو؟”
وأضاف: “ماذا يفترض بالناس العاديين أن يفعلوا عندما تصطدم طائرات بدون طيار متفجرة بنوافذهم؟”.
في غضون ذلك، دعا بيتر تولستوي، نائب رئيس مجلس الدوما “البرلمان الروسي”، إلى احتلال كييف.
قال تولستوي: “لوقف قصف موسكو، من الضروري احتلال كييف، نحن بحاجة إلى حشد كل القوى والوسائل”، حسبما ذكرت “واشنطن بوست”.
الحرة