بعد فشل روسيا في غزو أوكرانيا بالوسائل التقليدية، حاولت موسكو استخدام الطاقة كسلاح، في محاولة لتعطيل شبكة الكهرباء وإجبار الدول الأوروبية على الخضوع وعدم مساعدة كييف، لكنها لم تتمكن من تحقيق ذلك، لتلجأ إلى شن “حرب غذائية”، يتضرر بسببها الكثير من دول العالم، وفقا لتقرير لصحيفة “الغارديان” البريطانية.
ومنذ انسحاب موسكو من اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة للسماح بصادرات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، الشهر الماضي، فرضت حصارا بحريا على موانئ أوكرانيا، واستهدفت مصادر الغذاء بشكل مباشر، مما أدى إلى تدمير 220 ألف طن من الحبوب التي كانت تنتظر التصدير في صوامع.
وسمحت هذه الاتفاقية بتصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود بشكل آمن، وانتهت مفاعيلها الشهر الماضي بعد رفض موسكو تجديدها، علما أنها أبرمت في يوليو 2022 برعاية أنقرة والأمم المتحدة.
وارتفع مؤشر أسعار الحبوب العالمي بنسبة 10 بالمئة، في أواخر يوليو، بعد أن نسفت روسيا مبادرة الحبوب في البحر الأسود، مما أغلق طريقا حمل 32 مليون طن، على مدار عام، بما يعادل أكثر من نصف إجمالي صادرات الحبوب الأوكرانية، وفق الصحيفة.
وسمح الاتفاق بمغادرة حوالي 33 مليون طن من الحبوب من الموانئ الأوكرانية، ما خفف من حدة المخاوف حيال نقص المواد الغذائية في الدول الأضعف، وفقا لوكالة “فرانس برس”.
ويعتقد بعض التجار أن الأسعار سترتفع بنسبة 20 بالمئة بنهاية الصيف.
سلاح الطعام؟
من خلال تحويل الطعام إلى سلاح، لجأت روسيا إلى أحد أقدم أشكال الحرب، فقد أحرقت الجيوش القديمة مخازن الحبوب لأعدائها لتجويعهم وإجبارهم على الخضوع.
وتقصف روسيا مدينة أوديسا الساحلية والمنطقة المحيطة بها منذ انسحبت موسكو، الشهر الماضي، من اتفاق الحبوب الذي كان يسمح لأوكرانيا بمواصلة صادراتها عبر البحر الأسود رغم الحرب.
واستهدفت روسيا، في الأسابيع الماضية، ميناء أوديسا على البحر الأسود، حيث يقع المقر الرئيسي للبحرية الأوكرانية، فضلا عن ميناء إزمايل الأوكراني عبر نهر الدانوب من رومانيا، مما ألحق أضرارا ببنيتهما التحتية ومنشآت الحبوب، وفق وكالة “رويترز”.
وتعرض الاقتصاد الأوكراني لمزيد من الضرر وحققت الصادرات الروسية أسعارا أعلى، لكن خطر الجوع يهدد بعض أفقر بلدان العالم، ويمكن دفع تلك الدول نحو “المجاعة “بسبب ارتفاع الأسعار وتراجع “الإمدادات الإنسانية”، وفق “الغارديان”.
وقدمت أوكرانيا نصف القمح الذي اشتراه برنامج الغذاء العالمي من الأسواق العالمية، وشحنه إلى الأشخاص الأكثر احتياجا في أفغانستان وإثيوبيا وكينيا والصومال والسودان واليمن.
دول متضررة وتكلفة إضافية
في الوقت الحالي يتعين على برنامج الأغذية العالمي الآن شراء الحبوب بسعر أعلى ونقلها من الموانئ البعيدة.
وقال المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي، ستيف تارافيلا، إنه بدون مبادرة البحر الأسود، كانت المنظمة ستكافح حقا لإطعام نفس العدد من الناس”.
وحاليا يقوم برنامج الأغذية العالمي إما بتقليص حجم الحصص الغذائية المقدمة للأفراد أو تقليل عدد الأشخاص الذين يمكن إطعامهم، وفق حديثه.
وفي سياق متصل، قالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، إن الأسر في البلدان الضعيفة التي تكافح من أجل البقاء كانت “الأكثر تضررا” من الحرب.
وأعلن الاتحاد الأوروبي عن “ممرات تضامن”، تشمل سككا حديدية برية وطرقا وممرات مائية داخلية، يمكن لأوكرانيا من خلالها تصدير الغذاء والحبوب، لكن الطرق البرية باتجاه الغرب “معقدة ومكلفة”.
وتحت ضغط من مزارعيها، حظرت خمس دول أوروبية مجاورة لأوكرانيا واردات الحبوب الأوكرانية.
ويواجه برنامج الأغذية العالمي تكاليف كبيرة للشحن من موانئ البلطيق أو غيرها من موانئ أوروبا الغربية إلى أفريقيا أو آسيا.
ولذلك فمن المحتمل أن يكون عدد الوفيات بسبب نقص الغذاء أكبر مما كان يمكن أن يحدث لو استمرت الاتفاقية.
وفقا لحديث ألكسندر كوروليوف ، المدير التجاري لـ(Transferry) وهي شركة تخزين مقرها أوديسا، فإن التكلفة الإضافية لتصدير الحبوب عبر ألمانيا تصل إلى 150 يورو للطن الواحد.
وقال: “التكلفة اللوجستية مرتفعة للغاية، وبالتالي فإن هذه التجارة غير مربحة على الإطلاق”.
الحرة