سورياسياسة

الشبكة السورية: محاكم الميدان العسكرية أداة قتل وإخفاء بيد الأسد ضد النشطاء والمعارضين

قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن نظام الأسد نفذ عقوبة الإعدام ضد سبعة آلاف وثمانمئة واثنين وسبعين شخصاً، من بينهم مئة وأربعة عشر طفلاً وست وعشرون سيدة من أصل ما لا يقل عن أربعة عشر ألفاً وثمانمئة وثلاثة وأربعين حكماً بالإعدام.

 

وفي تقرير لها بعنوان  “محاكم الميدان العسكرية أداة قتل وإخفاء بيد النظام السوري ضد الناشطين والمعارضين”، أكدت الشبكة تسجيل أربعة وعشرين ألفاً وسبعة وأربعين مختفياً قسرياً، تمت إحالتهم إلى محكمة الميدان العسكرية وأصبحوا مجهولي المصير منذ آذار ألفين وأحد عشر ختى آب ألفين وثلاثة وعشرين.

 

وقال التقرير إن محاكم الميدان العسكرية تعدُ من أسوأ أشكال المحاكم الجزائية الاستثنائية التي أُحدثت في تاريخ سوريا، لسببين الأول بسبب نظامها القانوني المختل وسمعتها السيئة كأحد الأجهزة الرئيسة التي أنشأها النظام والمتسببة بجريمة الاختفاء القسري لديه وأداة فعالة للتخلص من المعارضين والناشطين والمدنيين بمن فيهم الأطفال والنساء وسحقهم بموجب أحكامها الصادرة عنها.

 

أما الثاني فهو لخطورة البيانات الموثقة في قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان والتي تُظهر الحجم الكارثي والهائل لضحايا هذه المحاكم والتي تشير إلى أن هناك ارتباطاً تنظيمياً وثيقاً بين عمليات الاختفاء القسري ومحاكم الميدان العسكرية.

 

وبالتالي، فإن الأعداد الكبيرة من المختفين قسرياً على يد النظام – البالغ عددهم ما يزيد عن 96 ألف مختفٍ قسرياً – معظمهم خضعوا للمحاكمة في هذه المحاكم باعتبار أن عمليات الاختفاء القسري التي وقعت داخل مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام ممنهجة وغير عشوائية واستندت إلى قرارات وتوجيهات مدروسة نظمت وأصدرت وفق نظام أمني وعسكري محكم ذو هيكلية تنظيمية مترابطة وتسلسل قيادي متصل بين جميع الإدارات والأجهزة المرتبطة بمراكز الاحتجاز بدءاً من “رئيس الجمهورية، نائب رئيس الجمهورية للشؤون الأمنية، مجلس الأمن الوطني، وزارة الدفاع، الأجهزة الأمنية، القضاء الاستثنائي، إدارة الشرطة العسكرية، وزارة الداخلية”.

 

وأضاف: “وبالتالي فإن الأعداد الهائلة لضحايا الاختفاء القسري لدى النظام السوري أخضعوا لإجراءات هذا النظام الأمني والعسكري والقانوني وعلى رأسها القضاء الاستثنائي، كما لجأ النظام إلى إحالة المعتقلين والمختفين قسرياً لديه إلى محكمة الميدان العسكرية منذ آذار/2011 وفي وقت مبكر من انطلاق الحراك الشعبي نحو الديمقراطية. وقبل تشكيل محكمة قضايا الإرهاب في تموز/ 2012، وفي السنوات اللاحقة لها، كما تظهر عمليات تحليل البيانات المرفقة في التقرير ارتباطاً واضحاً بين عدد ضحايا الاختفاء القسري لدى النظام والضحايا الذين تمت إحالتهم إلى محكمة الميدان العسكرية”.

 

وتظهر البيانات فجوة كبيرة وجوهرية في عدد الأشخاص الذين خضعوا لمحاكم الميدان العسكرية ونجوا منها مقارنةً بالذين تمت إحالتهم إلى محكمة قضايا الإرهاب.

 

جاء في التقرير أنه على الرغم من إصدار النظام في 3/ أيلول/ 2023 المرسوم التشريعي رقم 32 للعام 2023 القاضي بإنهاء العمل بالمرسوم التشريعي رقم /109/ تاريخ 17/ آب/ 1968 وتعديلاته المتضمن إحداث محاكم الميدان العسـكرية، وإحالة جميع القضايا المحالة إلى محاكم الميدان العسـكرية بحالتها الحاضرة إلى القضاء العسـكري لإجراء الملاحقة فيها وفق أحكام قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسـكرية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /61/ لعام 1950 وتعديلاته، إلا أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان تعتقد أن هذا الإلغاء يأتي ضمن السياسة والإجراءات التي يتبعها النظام لطي قضية المختفين قسرياً لديه والالتفاف عليها والتي يندرج ضمنها إصدار مراسيم العفو الوهمية وتوفية المختفين قسرياً في دوائر السجل المدني وغيرها من الإجراءات التي سيقوم بها مستقبلاً.

 

وذكر التقرير أن آلية احتجاز المعتقلين وإحالتهم إلى محاكم الميدان العسكرية تستند إلى قرارات الأجهزة الأمنية التي منحت صلاحيات غير محدودة للتعامل مع من احتجزتهم على خلفية الحراك الشعبي نحو الديمقراطية منذ آذار/2011 شملت هذه الصلاحيات ممارسات التعذيب والاختفاء القسري وتوجيه التهم للمعتقلين بناءً على المعلومات التي انتزعتها منهم تحت التعذيب.

 

وأضاف أن النظام وضع محددات وإجراءات لضبط هذه الصلاحيات الواسعة للحفاظ على بنية أجهزته الأمنية وعدم انتقالها للعمل العشوائي، وقد استعرض التقرير أخطر وأهم الجرائم التي تصل عقوبتها للإعدام والتي يرجح أن المحكمة تنظر فيها وفقاً لأحكام المادة 47 من قانون العقوبات العسكري، ومن قانون العقوبات العام. وأشار التقرير إلى أن الشبكة حصلت على العديد من الوثائق التي تظهر أن محاكم الميدان العسكرية تنظر كذلك بأحكام قانون مكافحة الإرهاب الصادر عام 2012.

 

أكد التقرير أن هناك ما لا يقل عن 20 جرماً يعاقب عليه بالإعدام وفق قانون العقوبات العسكري وقانون العقوبات العام تم توجيهم بكثافة ضد المعتقلين والمختفين قسرياً وقام النظام باستثنائها من مراسيم العفو الـ 22 الصادرة عنه وقام بتشميل عدد محدود جداً منها لمرة واحدة أو مرتين طوال الاثني عشر عاماً الماضية. وأضاف أنه نظراً لتعذر الوصول بوضوح للجرائم التي يقوم وزير الدفاع بإحالتها لمحاكم الميدان فإنه يعتقد بوجود تهم أخرى تفوق ما ورد في هذا التقرير.

 

وأوضح التقرير أن محكمة الميدان العسكرية لا تتسم بوحشية الأحكام الصادرة عنها فقط، بل تمتد قسوتها لتشمل الظروف التي يواجهها ويتعرض لها الضحية أثناء الامتثال أمامها وآلية إبلاغ الضحايا بالأحكام الصادرة ضدهم من قبلها وقد استطاع التقرير تحديد ما لا يقل عن 10 أنماط من أساليب الترهيب والتعذيب مارستها المحكمة أثناء انعقاد جلساتها ضد المحالين إليها على نحو استراتيجي ومتواصل.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى