وجهت منظمات حقوقية سورية ودولية انتقادات إلى قرار القضاء الفرنسي الطعن في صلاحية مذكرة الاعتقال الصادرة بحق رئيس النظام، بشار الأسد.
وفي بيان مشترك، أعربت المنظمات الحقوقية عن معارضتها الشديدة لقرار الطعن في صلاحية مذكرة الاعتقال ضد بشار الأسد، مشيرة إلى أنه لم يتم الطعن في أوامر القبض على المسؤولين الآخرين وستظل سارية المفعول.
وذكر البيان أنه “من المفهوم أن رؤساء الدول يتمتعون بالحصانة أمام المحاكم المحلية الأجنبية، إلا أن العقود الأخيرة شهدت تآكل حصانات الدول والحصانات الوظيفية بموجب القانون الدولي لمنع الإفلات من العقاب على الجرائم الدولية، ولا سيما جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”.
وأكد أنه “حان الوقت لتحدي الحصانة الشخصية لرئيس النظام السوري فيما يتعلق بالجرائم الدولية”، مشيرة إلى أنه “في سياق الهجمات الكيميائية السورية، طالب المجتمع الدولي ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مراراً وتكراراً بمحاسبة جميع الجناة”.
وشددت المنظمات الحقوقية على أن “استمرار الإفلات من العقاب على هذه الجرائم لا يؤدي إلا إلى إدامة دائرة العنف والمعاناة للضحايا والناجين، ويقوض سيادة القانون الدولي”.
واعتبر بيان المنظمات الحقوقية أن قرار المحكمة “لا يتوافق مع قيادة فرنسا للشراكة الدولية لمكافحة الإفلات من العقاب على استخدام الأسلحة الكيميائية، ويتناقض مع موقف الحكومة الفرنسية الثابت الذي يطالب بمحاسبة جميع مرتكبي الهجمات الكيميائية في سوريا، ويعيق الجهود الاستثنائية التي يبذلها الضحايا والناجون الذين يسعون إلى تحقيق العدالة والانتصاف من خلال النظام القانوني الفرنسي”.
ودعت المنظمات الحكومة الفرنسية “بشكل عاجل إلى تأكيد دعمها لإجراء تحقيق قضائي مستقل مع جميع المشتبه في مسؤوليتهم الجنائية عن هذه الفظائع، بما في ذلك بشار الأسد”.
كما دعت الحكومة الفرنسية إلى أن “توضح أنها لا تعترف بحصانة بشار الأسد عن دوره في الهجمات بالأسلحة الكيميائية، وأن يكون التزام فرنسا بالعدالة وحظر الأسلحة الكيميائية ثابتاً، وإيصال رسالة حازمة إلى العالم مفادها أن استخدام الأسلحة الكيميائية محظور، وسيواجه جميع مرتكبيها العدالة”.
وكان قضاة التحقيق الجنائي الفرنسيون أصدروا في تشرين الثاني الماضي مذكرات توقيف بحق بشار الأسد وشقيقه ماهر، واثنين من معاونيه هما العميد غسان عباس والعميد بسام الحسن، بتهمة استخدام الأسلحة الكيماوية المحظورة ضد المدنيين في مدينة دوما ومنطقة الغوطة الشرقية في 2013، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 1000 شخص.
وبعد ذلك، طلب مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب في فرنسا من محكمة الاستئناف في باريس الحكم على صلاحية مذكرة الاعتقال الصادرة بحق بشار الأسد، معتبراً أنه “المجلس المختص في شؤون الجرائم ضد الإنسانية، يشير إلى أن صدور هذا التفويض يشكل استثناءً لمبدأ الحصانة الشخصية التي يتمتع بها الرئيس ورئيس الوزراء ووزير الخارجية في مناصبهم في كل دولة ذات سيادة”.
ما تفاصيل المذكّرة؟
وكان التحقيق في قضية “كيماوي دوما” عام 2013 قد فتح في مارس 2021، بناءً على شكوى جنائية قدمها “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” (SCM) وضحايا سوريون، بالاستناد إلى شهادات من ناجين وناجيات.
وحظيت الشكوى بدعم “الأرشيف السوري” و”مبادرة عدالة المجتمع المفتوح”، و”منظمة المدافعين عن الحقوق المدنية”، التي انضمت إلى التحقيق كأطراف مدنية، بالإضافة إلى أعضاء من “رابطة ضحايا الأسلحة الكيميائية” (AVCW).
وقال المدير العام لـ”المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”، مازن درويش، إن “إصدار القضاء الفرنسي أوامر اعتقال بحق رئيس الدولة بشار الأسد ورفاقه يشكل سابقة قضائية تاريخية”.
وأضاف أنه “انتصار جديد للضحايا وعائلاتهم والناجين، وخطوة على طريق العدالة والسلام المستدام في سوريا”.
“لقد كان لقضاة التحقيق في فرنسا كلمتهم في هذا النوع من الجرائم؛ لا أحد محصن. ونتوقع من السلطات الفرنسية أن تحترم معاناة الضحايا وحقوقهم إلى جانب قرار القضاء الفرنسي”، وفق ما تابع درويش في بيان.
وبالإضافة إلى بشار الأسد وماهر الأسد، القائد الفعلي لـ”الفرقة الرابعة مدرع”، صدرت مذكرات اعتقال بحق العميد غسان عباس، مدير الفرع 450 في “مركز الدراسات والأبحاث العلمية السورية”.
إضافة إلى اللواء بسام الحسن، “مستشار الرئيس للشؤون الاستراتيجية” وضابط الاتصال بين القصر الرئاسي و”مركز البحوث العلمية”، وفقا لـ”المركز السوري”.
ويأتي الإجراء القضائي الذي اتخذه قضاة التحقيق الفرنسيون في أعقاب تحقيق جنائي في الهجومين بالأسلحة الكيماوية في أغسطس 2013، من قبل الوحدة المتخصصة في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التابعة للمحكمة القضائية في باريس.
وبالإضافة إلى شهادات مباشرة واسعة النطاق من العديد من الضحايا، فإن الشكوى الجنائية، التي تأخذ شكل طلب مدني، تحتوي على تحليل شامل لتسلسل القيادة العسكرية السورية.