سورياسياسة

باريس.. ماذا يمكن أن تُنتج محاكمة 3 مسؤولين بنظام الأسد غيابياً؟ 

تبدأ المحاكمة الأولى في فرنسا بشأن جرائم نظام بشار الأسد الثلاثاء، 21 أيار/مايو، أمام محكمة الجنايات في باريس، ويحاكم ثلاثة مسؤولين في نظامه غيابيا، ولا سيما بتهمة التورط في اختفاء رجل سوري فرنسي وابنه ووفاتهما في وقت لاحق.

 

وترتبط القضية بالضحيتين باتريك الدباغ ووالده مازن. وكان باتريك (وُلد في العام 1993) طالبا في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في دمشق، بينما كان والده (وُلد في العام 1956) مستشارا تربويا رئيسيا في المدرسة الفرنسية بالعاصمة السورية، وفق فرانس برس.

 

وهما اعتُقلا في تشرين الثاني/نوفمبر 2013 على يد عناصر قالوا إنهم من جهاز المخابرات الجوية.

 

وقال مازن درويش رئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير الذي يدعم القضية إن هذه أول مرة تجري فيها محاكمة مسؤول سوري لا يزال جزءا من النظام. وأضاف أن المحاكمة ستكون ذات أهمية لجميع السوريين لأنها تتعلق بوقائع “الاعتقالات التعسفية والتعذيب والقتل خارج نطاق القضاء”، والتي وصفها بأنها “سلوك منهجي من قبل النظام”.

 

وهذه هي المرة الأولى التي تتم فيها محاكمة مسؤول سوري ما زال في منصبه بتهمة ارتكاب جرائم حرب مزعومة.

 

وبحسب الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، تهدف الإجراءات إلى “محاكمة أعلى المسؤولين في النظام منذ اندلاع الثورة السورية في آذار/مارس 2011” ضد بشار الأسد.

 

وسبق لمسؤولين أقل شأنا أن خضعوا لمحاكمات في أماكن أخرى في أوروبا، وخصوصا في ألمانيا، بشأن انتهاكات النظام. كما حضر هؤلاء جلسات الاستماع.

 

ولن يمثل أي من المتهمين الثلاثة أمام المحكمة في محاكمة مقرر لها أن تستمر أربعة أيام. حيث لا يزال علي مملوك، أحد الضباط المتهمين بالتواطؤ في اختفائهما وتعذيبهما، يعمل في أجهزة الأمن السورية مستشارا أمنيا للرئيس بشار الأسد. والاثنان الآخران هما جميل حسن المدير السابق لإدارة المخابرات الجوية، وعبدالسلام محمود المدير السابق لفرع التحقيق في الإدارة.

 

وستضم هيئة محكمة الجنايات ثلاثة قضاة من دون محلفين، وسيتمّ تصوير جلسات الاستماع المقررة على مدى أربعة أيام لحفظها ضمن أرشيف القضاء. ولأول مرة في محكمة الجنايات في باريس، سيتم توفير الترجمة العربية للجمهور.

 

“كفاح من أجل الحقيقة”

وبحسب صهر مازن الذي اعتُقل في الوقت ذاته ثمّ أُطلق سراحه بعد يومين، فقد نُقل الرجلان اللذان يحملان الجنسيتين الفرنسية والسورية، إلى مطار المزة قرب دمشق الذي يوصف بأنهم أحد أسوأ مراكز التعذيب التابعة للنظام.

 

إثر ذلك، غابت أي مؤشرات الى أنهما على قيد الحياة، إلى تم الإعلان عن وفاتهما في آب/أغسطس 2018.

 

ووفق شهادات الوفاة المرسلة إلى العائلة، فقد توفي باتريك في 21 كانون الثاني/يناير 2014، ومازن في 25 تشرين الثاني/2017.

 

وفي اللائحة الاتهامية، اعتبر قضاة التحقيق أنّه “من الثابت بما فيه الكفاية” أنّ الرجلين “عانيا، مثل آلاف المعتقلين لدى المخابرات الجوية، من تعذيب قاسٍ لدرجة أنّهما ماتا بسببه”.

 

وفي السياق ذاته، قدم عشرات الشهود، من بينهم العديد من الفارّين من الجيش ومحتجزين سابقين في المزة، تفاصيل للمحقّقين الفرنسيين واللجنة الدولية للعدالة والمساءلة، وهي منظمة غير حكومية، بشأن التعذيب في هذا السجن. وتحدثوا عن الضرب بقضبان من الحديد على أخمص القدمين وصدمات كهربائية وعنف جنسي.

 

من ناحية أخرى، في تموز/يوليو 2016 طُردت زوجة مازن الدباغ وابنته من منزلهما في دمشق الذي استولى عليه عبد السلام محمود. ونص الاتهام على أن هذه الوقائع “من المرجّح أن تشكّل جرائم حرب وابتزاز وتمويه ابتزاز”، كما أن “الحجز على ممتلكات سوريين اختفوا أو وُضعوا في معتقلات أو مهجّرين قسرا أو لاجئين، كان ممارسة منتشرة للنظام”.

 

وقالت المحامية كليمانس بيكتارت التي تمثّل عددا من الأطراف المدنية إن “كثيرين قد يعتبرون هذه المحاكمة رمزية، لكنها جزء من عملية طويلة ويجب قراءتها في ضوء المحاكمات”.

 

وأضافت “كل هذا يصبّ في جهد لمكافحة الإفلات من العقاب على جرائم النظام السوري، وهو الأمر الأكثر أهمية لأنّ هذا الكفاح من أجل العدالة هو أيضاً كفاح من أجل الحقيقة”.

 

وتابعت بيكتارت “نميل لأن ننسى أنّ جرائم النظام لا تزال تُرتكب حتى اليوم”، مشيرة إلى أنّ هذه المحاكمة بمثابة تذكير بأنّه “يجب ألا نقوم بأي حال من الأحوال بتطبيع العلاقات مع نظام بشار الأسد”.

 

ولا توجد أي قضايا حتى الآن في المحاكم الدولية لأن سوريا ليست من الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية. ومع ذلك، أمرت محكمة العدل الدولية سوريا بوقف التعذيب.

 

فرانس24/ رويترز/ أ ف ب

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى