أشار الجنرال المتقاعد ويسلي كلارك، الذي شغل منصب القائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي في أوروبا، إلى أن مخاطر نشوب حرب أكبر في أوروبا تتزايد بعد أن ”لجأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أخيرًا إلى صراع مفتوح“ في أوكرانيا، سعيًا لتحقيق هدفه في ”إعادة إنشاء الإمبراطورية السوفيتية“.
وأضاف: “علينا إعادة بناء دفاعاتنا، بما في ذلك التجنيد الإجباري”.
عودة التجنيد الإجباري إلى أوروبا
أوقف عدد من الدول الأوروبية التجنيد الإلزامي بعد نهاية الحرب الباردة، لكن العديد من الدول أعادت العمل به في السنوات الأخيرة، ويرجع ذلك إلى التهديد الروسي. وقد يؤدي عدم الالتزام بقرار التجنيد إلى فرض غرامات أو حتى السجن في بعض الدول.
لاتفيا هي أحدث الدول التي طبقت التجنيد الإجباري. فقد أعيد العمل بالخدمة العسكرية الإلزامية في 1 كانون الثاني/ يناير من هذا العام، بعد أن تم إلغاؤها في عام 2006. سيتم تقديم المواطنين الذكور للتجنيد في غضون 12 شهرًا من بلوغهم سن 18 عامًا، أو التخرج لمن لا يزال في النظام التعليمي.
في أبريل/نيسان، قدمت النرويج خطة طموحة طويلة الأجل من شأنها مضاعفة ميزانية الدفاع في البلاد تقريبًا وإضافة أكثر من 20 ألف جندي مجند وموظف وجندي احتياط إلى القوات المسلحة.
وقال رئيس الوزراء يوناس غار ستور: ”نحن بحاجة إلى دفاع يفي بالغرض في البيئة الأمنية الناشئة“.التجنيد الإلزامي في النرويج إلزامي، وفي عام 2015 أصبحت النرويج أول عضو في التحالف الدفاعي لحلف الناتو الذي يجند الرجال والنساء على قدم المساواة.
طرح التجنيد الإجباري في دول أخرى
يجري اليوم نقاشات حول التجنيد الإجباري في الدول الأوروبية الأخرى التي لم تفرضه حتى الآن.
ففي المملكة المتحدة، طرح المحافظون فكرة الخدمة العسكرية في حملتهم الانتخابية.
ولكن ربما يكون التحول الأكثر إثارة للدهشة هو ما يجري في ألمانيا، ففي سابقة أخرى منذ الحرب الباردة، قامت ألمانيا هذا العام بتحديث خطتها في حال نشوب صراع في أوروبا.
اذ قدم وزير الدفاع بوريس بيستوريوس اقتراحاً في حزيران/يونيو للخدمة العسكرية التطوعية الجديدة. وقال: ”يجب أن نكون مستعدين للحرب بحلول عام 2029“.
في ليتوانيا، يتم تجنيد حوالي 3500 إلى 4000 شخصاً كل عام تتراوح أعمارهم بين 18 و26 عامًا وذلك لمدة تسعة أشهر. أعادت البلاد العمل بالخدمة الإلزامية في العام 2015 بسبب ”تغير الوضع الجيوسياسي“.
نماذج قوات “احتياطية استراتيجية”
تمتلك فنلندا، وهي واحدة من أحدث أعضاء الناتو، القدرة على تفعيل أكثر من 900 ألف جندي احتياط، مع وجود 280 ألف عسكري جاهز للاستجابة الفورية إذا لزم الأمر.
ومع ذلك، فإن قوات الدفاع الفنلندية توظف في وقت السلم حوالي 13,000 شخصاً فقط، بما في ذلك الموظفين المدنيين.
ولدى النرويج والسويد، أحدث عضو في حلف الناتو، نماذج مماثلة، حيث تحتفظ كل منهما بأعداد كبيرة من جنود الاحتياط، وإن لم يكن عددهم بنفس عدد فنلندا.
وقد استدعت السويد، حيث التجنيد الإلزامي الآن محايد بين الجنسين، حوالي 7000 فرداً في عام 2024. وسيرتفع العدد إلى 8000 شخصاً في عام 2025، وفقًا للقوات المسلحة السويدية.
هل الناتو مستعد للحرب؟
عكف حلف الناتو على مراجعة استراتيجيته وتعزيز قدراته على مدار العقد الماضي ردًا على التهديد المتزايد من موسكو.
وقد دفع الهجوم الروسي الشامل على أوكرانيا في عام 2022 الحلفاء حتمًا إلى إعادة تقييم ما إذا كانوا مستعدين للحرب وتعزيز دفاعاتهم.
تقول المتحدثة باسم الحلف لشبكة سي إن إن “أن حلف الناتو وضع أكثر الخطط الدفاعية شمولاً منذ الحرب الباردة، حيث يوجد حالياً أكثر من 500,000 جندي في حالة استعداد عالية”.
ولكن هناك دعوات للحلفاء لزيادة قدراتهم بشكل أكبر وأسرع.
وقد يزداد الوضع تعقيدًا بسبب الانتخابات الرئاسية الأمريكية في تشرين الثاني/ نوفمبر. ستبدو الأمور مختلفة للغاية إذا عاد الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بعد أن شجع روسيا على فعل ”ما يحلو لها“ مع أي دولة في الناتو لا تلتزم بإرشادات الإنفاق الدفاعي للحلف.
يورونيوز