أصدرت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان، الأربعاء 24 تموز، تقريراً بعنوان “انتخابات مجلس الشعب التابع للنظام السوري 2024 غير شرعية وتستند إلى سطوة الأجهزة الأمنية – مجلس الشعب أداة قمع وسيطرة بيد النظام السوري ضد حقوق الشعب السوري”.
وأكد الشبكة في تقريرها أنَّ “انتخابات مجلس الشعب 2024 باطلة وغير مشروعة وعديمة المصداقية، وتنتهك القرارات الدولية والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتعتمد على دستور غير شرعي وقانون انتخابات مليء بالتناقضات والثغرات والانتهاكات”.
وقال التقرير، إنَّ “انتخابات مجلس الشعب في هذه الدورة، وفي الدورات السابقة، بعيدة كل البعد عن أن تكون حرة ونزيهة وشفافة، ولا تمثل الشعب والمجتمع السوري، بل هي مفروضة بقوة السلاح وسطوة الأجهزة الأمنية، وهي مجرد إجراءات “شكلية” فارغة تماماً من أي مغزى سياسي”.
وتابع التقرير أن “الانتخابات تجري على حوالي ثلثي الأرض السورية فقط، وبوجود أكبر عدد من الفاعلين الدوليين داخل سوريا، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية طاحنة، وانهيار في قيمة الليرة السورية وارتفاع معدلات التضخم والبطالة والفقر، وتشريد لأزيد من نصف الشعب السوري بين نازح ولاجئ حسب تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فضلاً عن أنَّها تجري في ظل استمرار ارتكاب النظام السوري لكمٍ هائل من الانتهاكات الفظيعة”.
ووفقاُ للتقرير فإنَّ نظام الأسد “أولى أهمية خاصة لانتخابات الدورة التشريعية الرابعة، لعدة أسباب أبرزها: التلاعب بالدستور وإصدار التشريعات التي تصب في خدمة النظام، والاستمرار في التغطية على جرائم النظام، وترسيخ أوهام الإصلاح السياسي، وإعادة إنتاج شخصيات داعمة للنظام”.
ولاحظ التقرير وفقاً لقاعدة بيانات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان وصول عدد من مرتكبي الانتهاكات بحقِّ الشعب السوري إلى مجلس الشعب، من بينهم ضباط متقاعدون، وقادة ميليشيات، وتجار حرب موضوعون على قوائم العقوبات الدولية، وأعضاء من مجلس الشعب في دورته السابقة رفعت عنهم الحصانة، وهناك ملاحقة قضائية بحقِّهم بتهم تتعلق بالفساد.
وحسب التقرير فإنَّ “الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان تعتقد أنَّ المهمة الأهم والأخطر للمجلس بدورته هذه هي تعديل الدستور كي يتمكن رئيس النظام السوري من الترشح لولاية رئاسية جديدة بعد انتهاء ولايته الحالية في منتصف 2028، في ضوء القيود الدستورية المفروضة على عدد الولايات الرئاسية المنصوص عليها في المادة 88 من دستور 2012، والتي لا تتيح لرئيس النظام بالترشح لولاية جديدة ثالثة بعد انتهاء ولايته منتصف عام 2028، كما سيتابع دوره التقليدي والمتمثل بقوننة أحكام السلطة التنفيذية والأجهزة الأمنية، والعمل كواجهة مدنية لتغطية جرائم النظام السوري المهيمن على جميع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية”.
يقول فضل عبد الغني مدير الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان: “يوظف النظام السوري مؤسسات الدولة كأدوات حرب ضد الشعب السوري، ويستخدمها كأدوات لتكريس الاستبداد، وفي مقدمتها مجلس الشعب الذي يُعِّد ويُصدر قوانين وتشريعات تعارض القواعد الآمرة، وتنتهك حقوق الإنسان الأساسية، وتجري انتخابات مجلس الشعب في بيئة محكومة بالقمع لا يتمكن فيها المواطن السوري من الاختيار بحرية، ويتم تعيين أعضاء مجلس الشعب من قبل الأجهزة الأمنية. إنَّها انتخابات غير قانونية، وتمثل النظام السوري فقط”.
وذكر التقرير أهم ستة أسباب لاعتبار هذه الانتخابات باطلة وغير شرعية وهي: إجراء الانتخابات تحدٍّ صارخ للقرارات الدولية، ونسف للعملية السياسية وخاصة لبيان جنيف 1 والذي تم تضمينه في قرار مجلس الأمن رقم 2118، وقرار مجلس الأمن رقم 2254، وأنَّ هذه الانتخابات جرت في بيئة فاسدة وغير شرعية مستندة لدستور 2012 عديم الشرعية، ولقانون الانتخابات رقم 5 لعام 2014، الذي يفيض بالمواد التي تنتهك حقوق الإنسان وتخالف مبدأ المساواة المفترضة بين جميع المواطنين وتخرق مبدأ فصل السلطات.
كما غابات الضمانات الرقابية القضائية الحقيقية عن الانتخابات التي ينظمها النظام مع انعدام استقلالية اللجنة العليا للانتخابات والمحكمة الدستورية العليا، والتلاعب بأعداد الناخبين وإشكالية السجل الانتخابي في ظل غياب الإحصائيات الدقيقة لعدد السكان، وتفاوت في توزيع المقاعد بناء على تقدير رئيس الجمهورية، والهيمنة الكاملة لحزب البعث على الانتخابات وابتلاعه لأكثرية المقاعد، إذ حصلت قائمة “الوحدة الوطنية” التي يقودها حزب البعث على 185 مقعداً، ما يمثل نسبة 74% من إجمالي مقاعد مجلس الشعب، بينها 169 مقعداً لحزب البعث بنسبة 67,7% بزيادة مقعدين عن انتخابات 2020، وتم منح أحزاب الجبهة المتحالفة مع البعث 16 مقعداً، بنسبة 8,64% وهو نفس عدد المقاعد الممنوحة لهم في الدورات السابقة، فيما بقي 65 مقعداً فقط للمستقلين ما يعكس سيطرة كاملة لحزب البعث على المجلس بأغلبية الثلثين.
واستنتج التقرير أنَّ “إجراء هذه الانتخابات يدل على أنَّ النظام السوري ما زال يتعاطى بمعايير أمنية وعسكرية في إدارة شؤون سوريا، ويتعامل مع الأطراف الداخلية والخارجية على أنَّه المنتصر في الحرب وليس مضطراً لإجراء تعديلات جوهرية في سلوكه ونهجه”.
وتابع أن “إصرار نظام الأسد على إجراء الانتخابات، ورفضه لإجراء أي تغييرات، أو تقديم تنازلات، حتى لو كانت شكلية، سواء للداخل السوري أو للمجتمع الدولي. وأنَّ الانتخابات الحرة والنزيهة تتطلب إجراء إصلاح قانوني وسياسي شامل يحقق انتقالاً سياسياً ويزيل التشريعات المكرسة للاستبداد وانتهاكات حقوق الإنسان، وأنَّ سطوة الأجهزة الأمنية، وإفلاتها التام من العقاب وسيطرة النظام السوري على السلطتين القضائية والتشريعية، وانعدام حرية الرأي، منعت أية فرصة لتأسيس أحزاب معارضة حقيقية، وظلَّ حزب البعث هو الحزب الأوحد على مدى عقود”.
وأوصى التقرير الأمم المتحدة والمجتمع الدولي برفض هذه الانتخابات واعتبارها غير شرعية لأنَّها تخالف قرارات مجلس الأمن، ووضع أعضاء مجلس الشعب السوري على لوائح العقوبات الأوروبية والكندية والأمريكية، وكافة دول العالم، لتمريرهم القوانين والمراسيم التي تنتهك أبسط مبادئ حقوق الإنسان.