دعا الباحث والأكاديمي الموريتاني، محمد مختار الشنقيطي، النخب الكردية إلى التفكير بـ”الفضاء الحضاري الواحد للقرن الـ21، و”أخذ العبرة من أوروبا”، التي توحدت بعد حروب دامية.
تأتي دعوة الشنقيطي، في معرض تعليقه على استفتاء “الانفصال”، في شمال العراق.
و أعرب الشنقيطي عن أمله في أن تكون “النخبة الكردية واعية بتاريخ المنطقة والتفكير بمستقبلها، وعدم نسيان الأرحام التاريخية والدينية التي تربط شعوب المنطقة على مدار قرون”.
ورأى أن “القضية لها وجهان، قديم يتعلق بتطلعات الأكراد، وهي مسائل فيها جدل وخلاف منذ زمن بعيد، والوجه الثاني يتعلق بالتوقيت وعلاقاته بالتطورات الاستراتيجية في المنطقة”.
وعن التوقيت، أوضح قائلا “أرى أن توقيت الاستفتاء كان سيئا، لأن بعض القوى الدولية المشجعة له، ربما تسعى إلى تفعيل بؤرة جديدة من الصراع، رغم كل البؤر الموجودة، ومن الناحية الجيوستراجية للاعبين الدوليين، من المهم لهم منع أي تقارب استراتيجي بين تركيا وإيران، وبعض دول الخليج، وخصوصا قطر والكويت”.
الشنقيطي أرجع ذلك إلى أن الأزمة الخليجية، أعقبها “تبلور محور جديد في المنطقة، وهو تقارب استراتيجي كبير بين تركيا وإيران، فهناك من يريد عرقلة بروز محور إقليمي قوي في المنطقة”.
وشدد على أن “تفكيك الدول ليس عملية سهلة، ولا ينبغي الإقدام عليها بهذه السهولة، فالأفضل أت يتم أي شيء يتعلق بشمال العراق بالتراضي، فهذا أولى وأفضل للأكراد، ولبقية العراقيين، وأفضل للدول المحيطة بها، سواء تركيا، أو إيران، أو سوريا”.
وحول تأثيرات المساعي الكردية، في شمالي العراق، على سوريا بشكل سلبي، أفاد “هذا وارد للأسف، ويكفي ما حصل من مصائب من قبل في سوريا والعراق والمنطقة كلها، والسبب أن بعض النخب السياسية متخلفة بتفكيرها، حيث تفكر بعقلية القرن الـ20، ونحن لم نعد به، نحن في القرن الـ21، قرن تلاقي الشعوب ووحدتها، ليس قرن قوميات وعصبيات قومية”.
وأردف “الذي يعيش في الماضي يظن أنه في حرب تحرير خمسينيات القرن الماضي، وهذا عصر انتهى، وأتمنى ألا تنسى هذه الشعوب الأرحام التاريخية والدينية بينها، وكون الخارج يدعمك اليوم، لا يعني أن يدعمك دائما، يمكن أن يغدر بك غداً ويدعمني، وهو ما يفعلونه ويلعبون بالجميع”.
وتمنى من النخبة الكردية “التفكير بوعي تاريخي، تنظر للمستقبل، وأن تتحرر من العصبيات، ليس فقط من النخبة الكردية، بل من كل النخب العربية والتركية والفارسية، وأن تفكر بالفضاء الحضاري الواحد”.
وأكد قائلا: “لا أؤمن بالقوميات والوطنيات، أؤمن بالقضاء الحضاري الواحد، والتاريخ الاسلامي شهد من الامتزاج التاريخي والحضاري، ما لم تشهده أي حضارات قديمة، نحن وراءنا تاريخ طويل من التعايش والتمازج، لا ينبغي أن ننساه بنزعات قومية جاءتنا أمس من أوروبا، بعد أن دمرتها”.
الشنقيطي استشهد بالدول الأوروبية، التي تقاتلت وهدمت نفسها في الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945) بسبب القوميات والوطنيات، وعادت هذه الشعوب لعقولها في النهاية، وتعايشت في الاتحاد الأوروبي، فالفرنسي والألماني كأنهم أشقاء، رغم أنهم أبادوا بعضهم البعض في الماضي.
وختم: “لا داعي لتكرار ما وقع به الآخرون من المصائب، الأفضل أن نستفيد من الجانب المشرق، الذي توصلوا إليه بعد هذه المصائب، بدل أن نكرر قتال الألمان والفرنسين في الحرب العالمية الثانية”.
وطن اف ام / الأناضول