مجزرة الكيماوي، جريمة بقيت بلا عقاب، ومرتكبها يستمر بمنهج القتل والتدمير الشامل، وسط صمت مخز من قبل المجتمع الدولي إزاء المجزرة التي مر عليها أربع سنوات في الغوطة الشرقية بريف دمشق.
ففي فجر الأربعاء 21 آب 2013، استيقظ أهالي بلدتي زملكا وعين ترما في الغوطة الشرقية، على قصف صاروخي بالغازات السامة، عرف فيما بعد أنه غاز السارين المدمر للأعصاب، تزامنا مع قصف مماثل شهدته معضمية الشام في الغوطة الغربية.
الهجمة المكثفة بغاز السارين السام، أسفرت عن استشهاد 1400 شخص، أكثر من ربعهم نساء وأطفال، ماتوا في مضاجعهم، فلم يتمكنوا من التحرك أو الهرب، حيث الفارق الزمني بين القصف وبدء أعراض استنشاق الكيماوي نصف دقيقة فقط.
وظهرت على المصابين بعد قصف الكيماوي أعراضه المعروفة طبيا من إغماء وغثيان، وتشنج واختناق وشلل، إضافة أنه لم يسلم أحد من الكوادر الطبية من درجات الإصابة، لعدم توفر أقنعة وبدلات واقية، أثناء أدائهم عملهم.
أما أطفال الغوطتين، فكانت صور المصابين منهم صادمة وفاجعة، في حين معاناة النساء كانت أشد وأمر، بسبب ضيق الأماكن وعدم وجود مساحة خاصة تسمح بخلع ثياب النساء قبل غسلهن من آثار المواد السامة.
لم تتجاوز ردة فعل المحافل العربية والدولية، الاستنكار والإدانة، ليستمر السكوت عن الجريمة السورية، ويصبح سياسة دولية، كرّسها التنسيق اللاحق بين الولايات المتحدة وروسيا، للملف السوري، وهما يتوزعان الأدوار في تغطية الجريمة، تحت ستار محاربة الإرهاب.
حيث ذهبت أجهزة مخابرات عدد من الدول الغربية في تقارير لها، إلى مسؤولية نظام الأسد عن الهجوم بغاز السارين السام على الغوطة، منها الاستخبارات الفرنسية والألمانية، أما منظمة هيومن رايتس ووتش أكدت بعد أسبوعين من الهجوم، أن أدلة حصلت عليها تؤكد مسؤولية الأسد عن المجزرة.
لكن الأمم المتحدة لم تحمل مسؤولية الهجوم لأي جهة، في تقرير لجنة التفتيش الذي صدر في 16 أيلول 2013، مكتفية بوصف الهجوم بالجريمة الخطيرة.
من جانبها، أعلنت الولايات المتحدة حينها، نيتها بتوجيه ضربة عسكرية للأسد، بعد استخدامه للأسلحة الكيميائية، غير أن روسيا سارعت للتدخل لوقف الضربة، لتقوم إسرائيل بالتنسيق بين أميركا وروسيا، عبر طرح مبادرة تلخصت بالتخلي عن توجيه ضربة للأسد، في مقابلة تسليم ترسانته الكيماوية ودخوله الاتفاقية التي تحظر امتلاك هذا النوع من الأسلحة.
ويعتقد الكثير من المحللين والمتابعين أن تراخي الإدارة الأمريكية والدول الغربية، في التفاعل مع هذا الانتهاك الخطير الذي قام به النظام، ابتداءً باعترافه الصريح بملكيته للسلاح الكيماوي، وتمييع قضية استخدامه بين الإنكار وطلب تحقيق، دفع به لشن هجومه الكبير على غوطتي دمشق، مسفرا عن جريمة أخرى لا إنسانية بحق السوريين.
المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان، أصدروا بيانات وتهديدات لفظية، عقب استهداف الغوطة بغاز السارين، لكنها بقيت مجرد عناوين رئيسية لبضعة أيام في نشرات الأخبار لا غير
الجعجعة التي لم تسفر عن أي عقاب لنظام الأسد لارتكابه المجازر بحق الشعب السوري، أدت لنتائج كارثية على السوريين، حيث أن إيران تعززت ثقتها بنفسها لأنها وحليفها الأسد خارج نطاق المحاسبة الدولية، لتقوم بخرق كل المحرمات وأمام أنظار الجميع، فملأت سوريا بالميليشيات الطائفية، أما الأسد فملأها بالبراميل وغاز الكلور السام والقاتل أيضاً.
صفاء عليان – وطن اف ام