ليس مفاجئاً أننا بدأنا نقرأ بيانات أميركية وروسية متزامنة، عن غارات جوية ينفذها الطرفان في المعركة ضد “داعش”، وليس مفاجئاً مريكا ايضاً الإعلان في وقت واحد تقريباً بداية هذا الشهر عن هجومين، واحد على منبج شمالاً يدعمه الأميركيون جواً وبراً عبر المستشارين وتنفّذه قوات كردية وعربية تضم وحدات دربتها واشنطن، والثاني جنوباً على الرقة يدعمه الروس جواً وبراً عبر المستشارين وتنفذه وحدات جديدة من الجيش السوري دربتها موسكو.
ليكن واضحاً هذا ليس سباقاً روسياً أميركياً على الرقة ورأس “داعش”، فما يحصل هو نتيجة تطورات حاسمة في موقف البلدين حصلت بعد انهيار وقف النار في ٢٧ شباط الماضي وانهيار المفاوضات في فيينا، وهذه التطورات جاءت بعد تفاهم سري بين باراك اوباما وفلاديمير بوتين، اللذين كلفا جون كيري وسيرغي لافروف تنسيق التعاون بين البلدين لدفع الحل في سوريا، ولهذا أنشئ “خط ساخن” يهتم بمتابعة التفاصيل ويشرف عليه بريت ماكغورك وميخائيل بوغدانوف، وتحدثت تقارير عن غرفة عمليات سرية مشتركة بين الطرفين في منطقة الحسكة حيث هناك قواعد أميركية وروسية.
في السياق عينه عقدت سلسلة من اللقاءات بين قيادات من قوات النظام وقيادات من تحالف “قوات سوريا الديموقراطية” للاتفاق على مصير الرقة بعد انتزاعها من “داعش”، وقد صرح الناطق باسم “قوات سوريا الديموقراطية” طلال سلّو لإذاعة “شام اف ام” التي تعكس وجهة نظر النظام: “بعد التحرير نواصل التفاوض مع النظام بخصوص الرقة حيث سيقرر ذلك أبناء المدينة”!
من الواضح ان العمليات الميدانية من منبج في الشمال حيث تتقدم “قوات سوريا الديموقراطية” على الحدود التركية، حيث يفترض إقفال آخر ٨٠ كيلومتراً على الحدود مع تركيا لخنق طرق إمداد “داعش”، الى أثريا جنوباً في ريف حماة الشرقي حيث يتقدم الجيش والوحدات التي دربها الروس على محورين يستهدفان مدينة الطبقة وقاعدتها الجوية في الطريق الى الرقة، تتم في إطار من التفاهم على ان تكون مدينة الرقة في يد النظام بينما يبقى الريف الشمالي في يد التحالف الديموقراطي.
تأتي هذه التطورات الميدانية في وقت تنهمك ايران في العمليات ضد “داعش” في منطقة الفلوجة العراقية لتؤكد ما تحدثت عنه تقارير ديبلوماسية، من ان واشنطن وموسكو تمارسان ضغوطاً لدفع حلفائهما الى عدم تخريب الاتفاق في سوريا، ومن هذه الضغوط دخول حاملة الطائرات “هاري ترومان” العمليات كرسالة الى اردوغان وتمترسه الدائم وراء قاعدة انجرليك، ويبدو ان قوات التحالف الديموقراطي باتت مسافة خمسة كيلومترات من منبج وأقفلت خطوط إمداد “داعش” عبر تركيا.
ما ليس واضحاً هو كيف سيترجم الدستور السوري الجديد، الذي تضعه موسكو وواشنطن، مسألة الفيديرالية في سوريا وهل يبقى الأسد ام يذهب بعد الانتهاء من “داعش”؟!
المصدر : النهار