حرب الشوارع، هي أقرب وصف يمكن إطلاقه على المعارك التي تدور بين قوات الأسد وتنظيم داعش في مناطق ريف حمص الشرقي، حيث سيطر التنظيم على مدينة القريتين، بعد حصارها ليومين فقط، لتنسحب قوات الأسد مع الميليشيات المساندة لها إلى أطراف القريتين، وسط اشتباكات مستمرة.
وتقع القريتين جنوب شرقي حمص وتبعد عنها 70 كيلومترًا، ويبلغ عدد سكانها نحو 50 ألف نسمة، وتكمن أهميتها كونها صلة الوصل بين ريف حمص والقلمون الشرقي في ريف دمشق، إضافةً إلى قربها من مستودعات مهين العسكرية التابعة لنظام الأسد.
ورغم القصف الروسي الكثيف المساند لقوات الأسد، إلى أن مهمته في استهداف عناصر داعش باتت أكثر صعوبة، بسبب التوزع الجغرافي لمواقع التنظيم في البادية السورية، حيث يحاول الأخير التقدم في بلدة السخنة أيضا على حساب قوات الأسد، وقام بقطع طرق تدمر – ديرالزور، وطريق السخنة – الرقة، وتمكن من انتزاع السيطرة على بعض المواقع شرقي البلدة.
وبعد غيابه لأكثر من عام، دعا زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي في تسجيل جديد له، أنصاره إلى الصبر والثبات، وإلى تكثيف الضربات في كل مكان، واستهداف مراكز إعلام الدول التي تحارب التنظيم.
وتحدث البغدادي عن الهزائم التي مني بها تنظيمه المتطرف في الأشهر الأخيرة، مشيرا إلى الدماء التي سفكت في الموصل وسرت والرقة والرمادي وحماة، محرضا بالقول “أوقدوا لهيب الحرب على عدوكم وخذوهم وحاصروهم واقعدوا لهم كل مرصد، إياكم أن يهنأ الصليبيون بلذيذ عيش وإخوانكم يذوقون القصف والقتل والدمار”، في إشارة إلى اعترافهم بالخسائر وتخوفهم من القضاء عليهم.
من جانبها تحاول قوات الأسد والميليشيات الموالية لها، إعادة ترتيب الصفوف، بعد تقدم التنظيم، حيث اقتحمت القسم الغربي من القريتين، لتدور حرب شوارع بينهما، في ظل غطاء جوي روسي، لدعم الأسد .
ويرجح محللون أن تشهد البادية مزيدا من التطورات العسكرية، إذ تحاول قوات الأسد مع المليشيات المساندة لها تدارك ما يجري من تهاوي مواقعهم بهجمات تنظيم الدولة المفاجئة، ما يهدد بتغيير مسار الصراع على البادية التي تشكل نصف مساحة سورية.
معارك السيطرة على مناطق البادية السورية، تزامنت مع معركة أطلقها تنظيم الدولة مؤخرا، باسم “غزوة أبو محمد العدناني” تمكن خلالها من استعادة السيطرة على مساحات واسعة في ريف ديرالزور الغربي، وصولا إلى مدينة السخنة، على حساب قوات الأسد.
وفي ظل معارك الكر والفر بين داعش والأسد، يتخوف أهالي منطقة البادية السورية العرب، من طمس ملامح المنطقة العربية، خاصة وأن الأطراف التي تتصارع للسيطرة على البادية وديرالزور، تسببت بإفراغ المنطقة من سكانها بسبب موجات النزوح الكثيفة.
تقدم تنظيم الدولة المفاجئ أظهر هشاشة دفاعات قوات الأسد، التي تتهاوى بهذه السرعة، ما يؤكد أن كل هذا التقدم هو بسبب الدعم الجوي الروسي لها، في حين يستميت التنظيم للسيطرة على البادية السورية التي تناسبه للاحتماء بسبب طبيعتها الجغرافية.
صفاء عليان – وطن اف ام