تواجه نحو 150 عائلة سورية لاجئة في منطقة عكار، شمالي لبنان، تهديدا بالنزوح مجددا بعد قرار بلدية قرقف، التابعة للمنطقة، بطردهم بحجة عجزها عن تحمل تكاليف إقامتهم، وتعليم نحو 450 من أولادهم، بسبب عدم تلقيها أي مساعدات في هذا الإطار.
وأمهلت البلدية العائلات السورية حتى 19 يناير / كانون الثاني الجاري لمغادرة البلدة.
وكانت بلدية قرية مشحا في منطقة عكار، أيضا، رفضت إقامة مخيم جديد للنازحين السوريين.
من جانبه، شرح رئيس بلدية قرقف الشيخ يحيي رفاعي أسباب القرار، موضحا أن “قرار إخراج اللاجئين السوريين من بلدة القرقف هو نتيجة معاناة تشكو منها البلدية منذ قرابة العام. وهو بمثابة صرخة وشكوى من واجب السلطات المعنية أن تتلقفها، لاسيما أنه في المادة الأخيرة من القرار، توضح البلدية أن ذلك يأتي ضمن مقتضيات المصلحة العامة للبلدة”.
وشدد رفاعي على “اننا كبلدية نهتم باللاجئ السوري ونوفر له كل متطلباته كما لو أنه مقيم لبناني، ما أدى إلى مضاعفة النفقات، بينما بقيت الواردات هي نفسها، وهذا أصبح فوق طاقة البلدية على تحمله”.
واضاف أنه “في النهاية، ليس من مصلحتنا أن يبيت اللاجئ على الطريق أو يشرد، لكن ليس بيدنا حيلة؛ لأننا لم نعد قادرين على تأمين احتياجاتهم”، معتبرا أن “هذا القرار جاء حفاظا على كراماتهم وأعراضهم”.
ولفت إلى أن “القشة التي قسمت ظهر البعير هي وقف العمل بالمدرسة المخصصة لتعليم النازحين السوريين، التي كنا بصدد الإعداد لافتتاحها في القرقف. فقد كانت البلدية تعد بالتعاون مع وزارة التربية والمنطقة التربوية في الشمال لافتتاح مدرسة مخصصة لتعليم اللاجئين السوريين، لاسيما أن قرار وزارة التربية يؤكد بأن كل بلدة تستطيع تأمين تسجيل نحو 250 طالبا تفتتح فيها مدرسة لتعليمهم”.
وقال إنه في القرقف “استطعنا تسجيل 450 تلميذا سوريا، لكننا فوجئنا بإقصاء المدرسة، واعتماد مدرستين آخرتين في عكار. مع العلم أن افتتاح المدرسة كان سيؤمن نحو 50 فرصة عمل للسوريين واللبنانيين معا”.
وفي هذا السياق، أكد اللاجئ السوري، غازي غنوم، النازح منذ نحو 3 سنوات من بلدة القصير السورية في ريف حمص، أن “الحل الوحيد المتاح أمامنا هو البقاء في الشارع. نحن نريد حلا للمشكلة التي تسببت بلجوئنا. وإن كانت العودة إلى سوريا مستحيلة، لماذا لا يمنحوننا في بلدة القرقف ما يمنحونه للقرى المجاورة”.
وناشد غنوم “الدولة اللبنانية أن تخلصنا من هذا العذاب، وتجد حلا للمشكلة التي تكمن وراء قرار إخراجنا من القرية، وهي قضية تعليم الأطفال من النازحين”، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن اللاجئين “تحت سقف القانون وعندما يتخذ قرار بإخراجنا من هنا سنخرج، خصوصا أن البلدية لم تقصر معنا البتة ويجب أن نعطيها حقها”.
بدورها، لفتت حلا غنوم من مدينة القصير في ريف حمص، أيضا، إلى أن “اللاجئين السوريين يكررون معاناتهم السابقة، التي عانوا منها، أثناء هروبهم من سوريا”.
وأوضحت غنوم، التي كانت مديرة لإحدى المدارس السورية قبل أن يقضي على أحلامها كابوس اللجوء، أن “القضية كلها قضية معاناة ووجع. نعاني ماديا ومعنويا واقتصاديا ومن كل النواحي، ومع اتخاذ البلدية لهذا القرار تفاقمت معاناتنا بشكل إضافي، ولا نعرف ماذا سنفعل”، معتبرة أن “ما يزيد من وجعنا، أيضا، هو وجود مناطق فيها الكثير من الدعم والإغاثة، على حساب مناطق وقرى أخرى لا يصلها شيء يذكر من المساعدات الدولية”.
في الإطار عينه، رأى رئيس “هيئة العلماء المسلمين السوريين في لبنان”، الشيخ عبد الرحمن عكاري، الذي حضر إلى البلدة في محاولة لايجاد حل، أن “قرار البلدية لم يأت عن عبث. فعندما سمعنا به شكلنا وفدا من هيئة العلماء المسلمين السوريين في لبنان وزرنا رئيس بلدية القرقف ووقفنا منه على الأسباب الكامنة وراء هذا القرار”.
وشرح عطاري أن “البلدية تريد حقها (من المساعدات) مثل القرى الأخرى، لاسيما أن المعنيين فيها لم يتوانوا يوما عن مساعدة اللاجئين السوريين”، مناشدا “مفوضية اللاجئين والحكومة اللبنانية أن يحتضنوا الموجودين في بلدة القرقف؛ لأن لا مكان آخر ليلجأوا إليه”.
وطن اف ام – الاناضول