يُمسك الفلسطيني أكرم تيسير، بيده اليمني “عصا خشبية صغيرة”، ويحمل في يده الثانية “كشافا” (مصباح يدوي)، فيما عيونه ترقب بحذر، تحركات المستوطنين الإسرائيليين في بلدة “قصرة”، إلى الجنوب من مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية.
وفي كل ليلة يقوم “تيسير”، وهو واحد من متطوعي “لجان الحراسة الليلية”، التي شكّلها سكان البلدة مؤخرا، للتصدي لجرائم المستوطنين كما يقول لوكالة الأناضول.
وبرفقة أبنائه السبعة الذين تسلحوا هم الآخرين بنفس الأدوات، يواصل “تيسير” طوال الليل عملية حراسة البلدة وبيوتها.
ويضيف:” الآن سنتصدى لأي هجوم للمستوطنين، هؤلاء جبناء، يهاجمون المنازل خلسة، يتعرضون للعائلات الضعيفة والبيوت النائية، يقتلعون الأشجار ويحرقون المركبات”.
وفيما يحرس “تيسير” البلدة، ينادي أحد الشبان الذي بدأ هو الآخر في عملية المراقبة والرصد بالقرب من موقع استيطاني يدعى “ايشكوديش”: ” انظر.. يبدو أن هناك شيئا ما..”، وبعد لحظات من الترقب يصرخ متطوع أمسك بيده هاتفه النقال وأضاء في المكان” انه حيوان بري”.
وتشكّلت لجان الحراسة الشعبية بدعوة من السلطة الفلسطينية، لحماية البلدات الفلسطينية من هجمات المستوطنين اليهود، عقب تزايد الاعتداءات والتي كان آخرها وأبرزها قتل الرضيع الفلسطيني علي دوابشة حرقا، وإصابة والداه وشقيقه بجراح في هجوم نفذه مستوطنون يهود الجمعة الماضية، على بلدة دوما جنوب شرق نابلس شمالي الضفة الغربية.
وفي حال اكتشاف تسلل للمستوطنين يقول تيسير:” هذه العصا لحماية أنفسنا، وهذا الكشاف، ننير به أمامنا، إذا ما اكتشفنا تسللا للمستوطنين نضيء باتجاههم يعلمون أننا نراقبهم، عادة يفرون”.
ويتابع: ” مكالمة هاتفية واحدة كفيلة بأن تخرج البلدة عن بكرة أبيها، لصد الهجوم… نتصل برئيس المجلس البلدي أو بمؤذن البلدة الذي يقوم بإبلاغ السكان عبر مكبرات صوت المساجد”.
و”قصرة”، واحدة من أبرز البلدات الفلسطينية التي تعرضت لاعتداءات المستوطنين، حيث تعرضت لنحو 64 اعتداءً خلال الأربع سنوات الأخيرة، تجسدت بحرق مسجد ومركبات، واعتداء على سكان وقطع أشجار وهدم أبار زراعية، بحسب رئيس المجلس عبد العظيم الوادي.
الوادي يقول لمراسل الأناضول، بينما كان يتفقد لجان حراسة شعبية، شكلتها البلدة لتأمين الحراسة للبلدة من هجمات للمستوطنين: ” لا يوجد حراسة أمنية فلسطينية، إسرائيل تمنع الأمن الفلسطيني بالعمل في المناطق المصنفة (ج)، وبات واجبا علينا التصدي للهجمات”.
والحراس بحسب الوادي متطوعون، يتناوبون على الحراسة طوال ساعات الليل.
وتنتشر أربعة مستوطنات يهودية أقيمت في السنوات العشرة الأخيرة، على أراضٍ زراعية فلسطينية لبلدة قصرة، تحرسها قوات عسكرية إسرائيلية، ينطلق منها المستوطنون لشن هجماتهم على الفلسطينيين.
وحسب مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية، غسان دغلس، فإن منفذي الهجوم “الإرهابي” على عائلة دوابشة انطلقوا من مستوطنة “ايشكوديش”، المقامة على الأراضي في بلدة “قصرة”.
ولا تبعد “دوما”، مسقط رأس الرضيع دوابشة عن “قصرة” سوى بضع كيلومترات.
ويتابع رئيس مجلس البلدات الفلسطينية قائلا: ” المستوطنون جبناء يخشون مواجهتنا، يشنون هجومه بشكل مفاجئ وعلى أهداف نائية، ثم يهربون، رغم امتلاكهم السلاح إلا أنهم جبناء”.
ويبتسم الوادي بينما كان أحد شبان الحراسة يصنع القهوة، في منطقة جبلية على أطراف البلدة، مضيفا:” انظر بماذا يتسلح الحراس، عصا هاتف وكشاف، لكنهم أقوى ممن يحمل السلاح الناري، لأننا ندافع عن أرضنا بيوتنا، وعن كل ما نملك”.
وتبدأ أعمال الحراسة منذ التاسعة ليلا حتى ما بعد فجر اليوم التالي، يتناوب الحراس على الحراسة ساعات.
و يشارك شبان في العاشرة والخامسة عشرة من أعمارهم حراسة البلدة في الساعات الأولى، يلهون ويمرحون.
سليمان حنون (37عاما) أحد الحراس يقول لمراسل الأناضول:” تعرض منزلي لهجوم مستوطنين يهود، تم تحطيمه، لكن بات الأمر اليوم مختلفا، لا يمكنهم الدخول إلى البلدة، وان فعلوا لن يعودوا سالمين”.
يمسك الشاب بعصا بيده، قائلا ” نحن أقوى منهم، نقاومهم بصدورنا العارية”.
{gallery}news/2015/8/4/33{/gallery}
المصدر : الأناضول