منوعات

هل يصيب «اكتئاب ما بعد الولادة» الرجال أيضاً؟

كشفت أحـدث دراسة تناولت الآثار النفسية للولادة، عن إمكانية أن تتسبب الضغوط التي يتعرض لها الآباء بعد استقبالهم أطفالهم لإصابتهم باكتئاب حقيقي Postpartum Depression؛ ما يضاعف من احتمالات انعكاس ذلك على معاملتهم بالسلب لأطفالهم لفترات طويلة.

 

وعلى الرغم من ارتباط اكتئاب ما بعد الولادة بالنساء، فإنه يُعدّ من الأمور المعروفة طبياً عند الرجال أيضاً، ولكن بطبيعة الحال لا تكون الأعراض بالوضوح نفسه. وعلى وجه التقريب، هناك رجل من كل عشرة رجال يتعرض لهذا النوع من الاكتئاب في السنة الأولى من عمر الطفل.

 

الخوف من تبعات الأبوة

من المعروف أن هناك الكثير من العوامل يمكن أن تسبب الاكتئاب، أهمها الإحساس بالمسؤولية والخوف من التبعات المترتبة على الأبوة، ونتيجة للقلق والضغوط النفسية يمكن أن يحدث تغيير في مستويات الهرمونات لدى الآباء خلال الفترة التي تلي الولادة مثلما يحدث مع الأمهات، بما في ذلك هرمون الذكورة التستوستيرون testosterone والكورتيزول والبرولاكتين prolactin (الهرمون المسؤول عن إدرار اللبن في الإناث، وهو موجود بكميات بسيطة عند الرجال).

 

أوضحت الدراسة التي تمت مناقشتها في الاجتماع السنوي للأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال American Academy of Pediatrics annual meeting في نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الحالي في ولاية واشنطن الأميركية، أن المشكلة في اكتئاب الرجال أنه غير معترف به بشكل كبير؛ لذلك لا تتم ملاحظته حتى من قِبل الآباء المرضى أنفسهم. ولكن مشاعر الضيق والإحباط تؤثر على سلوك الطفل لاحقاً.

 

اكتئاب الأب يؤثر على الطفل

حاول الباحثون في الدراسة كشف هذا الارتباط ومعرفة إلى أي مدى يمكن لاكتئاب الأب في وقت مبكر من حياة الطفل أن يكون مؤذياً لاحقاً على المستوى النفسي والعضوي أيضاً يمكن أن يمتد أثره حتى مرحلة البلوغ ويؤدي إلى تراجع الصحة العقلية poorer mental health وضعف الأداء الدراسي وارتفاع معدلات البدانة والإصابة بالأمراض المزمنة، خاصة الربو الشعبي وارتفاع ضغط الدم.

 

حلل العلماء بيانات أكثر من 1900 زوج من الآباء وأبنائهم في دراسة عن مستقبل العائلات ورفاهية الطفل Future of Families and Child Wellbeing، وبحثوا عن الارتباط بين الاكتئاب لدى الآباء في السنة الأولى من ولادة أطفالهم وتأثير ذلك على الأطفال فيما بعد عندما انتقلوا إلى مرحلة رياض الأطفال. وحتى يكون القياس حقيقياً؛ قام الباحثون بتحييد بقية العوامل التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في التأثير السلبي على نفسية الأطفال، مثل الظروف الاجتماعية والمنطقة السكنية، وأيضاً إصابة الأم باكتئاب ما بعد الولادة.

 

أظهرت الدراسة أن الآباء الذين عانوا الاكتئاب بعد ولادة أبنائهم كانوا الأسوأ معاملة مع الأبناء، كما وجدوا صعوبة في التواصل العاطفي معهم على الرغم من رغبتهم في القيام بذلك في كثير من الحالات؛ وهو الأمر الذي أدى إلى غياب الأب من حياة الأبناء سواء بشكل مادي في الابتعاد جسدياً عنهم أو بشكل عاطفي تمثل في عدم الحديث أو التودد للطفل؛ ولذلك نصح العلماء بضرورة أن يتم الفحص النفسى للآباء للتأكد من إصابتهم بالاكتئاب من عدمه وتقديم العلاج لهم في حالة احتياجهم له لتقليل المخاطر النفسية التي يعانى منها أطفالهم.

 

* السنة الأولى للطفل الأهم في العلاقة بين الآباء والأبناء*

 

وقال الباحثون: إن السنة الأولى من العمر تُعدّ من أهم الفترات في تشكيل علاقة الآباء بالأبناء، ويجب أن يتم فحص الأب والأم معاً بشكل دوري أثناء الفحوص الروتينية للطفل. وأشاروا إلى أن معظم حالات اكتئاب ما بعد الولادة للآباء تحدث في وقت متأخر قليلاً عما يحدث للأمهات.

 

وبالنسبة للرجال، في الأغلب يبدأ الأمر عندما يبلغ الطفل عمر أربعة أشهر، وهناك عوامل خطورة تشير إلى احتمالية الإصابة بالمرض، مثل تردي الحالة المادية للأب والبطالة وعدم التوافق مع الأم وصغر السن (في الأغلب تزيد الخطورة كلما كان الأب أقل من عمر 25 عاماً) والتدخين والمواد المخدرة والكحوليات.

 

أعراض نفسية وجسدية

تختلف الأعراض اختلافاً كبيراً، ويمكن أن تكون عبارة عن أعراض نفسية، مثل الحزن والانعزال والارتباك والشعور بالعجز والخوف من المستقبل، وتحدث نوبات من العدوانية والعنف والأذى الجسدي للأم وتحميلها مسؤولية الإنجاب، وكذلك تحدث صعوبات في النوم، ويمكن أيضاً حدوث أعراض جسدية، مثل عسر الهضم وتغيرات في الشهية وفقدان الوزن واضطرابات في الجهاز الهضمي وتعاقب الإسهال والإمساك والإحساس بالصداع وآلام في الأسنان وغثيان.

 

نصحت الدراسة الآباء بضرورة علاج اكتئاب ما بعد الولادة وعدم الحساسية من التصريح بذلك. وفى الأغلب يكون العلاج بالطريقة نفسها التي يعالَج بها اكتئاب ما بعد الولادة عند الأمهات عن طريق الجلسات النفسية التي تساعد الأب في تجاوز المخاوف التي يشعر بها ويتم التحسن في فترة بسيطة، وفى أحيان نادرة يمكن تناول أدوية نفسية مع الجلسات حتى يحدث التحسن.

 

الشرق الأوسط

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى