أورد أحد المسؤولين الكبار في إدارة الكوارث بإندونيسيا، إلهام وهاب أنه “الليلة الماضية، سجلنا 37 حالة وفاة… لكن منذ صباح اليوم الإثنين، ارتفع الرقم أكثر ليصل إلى 41” حالة وفاة، مضيفا أن رجال الإنقاذ يبحثون عن 17 شخصا ما زالوا في عداد المفقودين.
ووقعت المأساة السبت حوالي الساعة 22:30 بالتوقيت المحلي (15:30 بتوقيت غرينتش) في إقليمي أغام وتاناه داتار غرب جزيرة سومطرة، حيث هطلت أمطار غزيرة طوال ساعات على المنطقة، متسببة بفيضانات مفاجئة وسيل من الحمم البركانية الباردة مصدره جبل مارابي، وهو جبل بركاني يقع في الجزيرة.
هذا، وتعد الحمم الباردة خليطا من مواد مختلفة يتشكل منها الجبل البركاني بينها رماد ورمل وصخور، قد تمتزج بسبب الأمطار، وتتدفق على طول الجبل البركاني.
“يا الله ارحمني!”
وقالت رينا ديفينا (43 عاما) لوكالة الأنباء الفرنسية “سمعت صوت الرعد وصوتا يُشبه غليان المياه. كان هذا صوت سقوط صخور كبيرة من جبل مارابي”.
وأضافت ربة المنزل التي تقطن في إقليم أغام “دُمّرت منازل جيراني جراء سقوط صخور كبيرة عليها. وقتل ثلاثة من جيراني هم أم وأب وطفلهما. وقتل أيضا أحد الجيران البالغ 85 عاما”.
كما أكدت رينا وهي أم لثلاثة أطفال أن منزلها لم يتضرر لكنها أخلته متوجهة إلى مركز البلدية. وأفادت بأن الكهرباء انقطعت وبأنها فرت من المنزل مع عائلتها بينما كانت الأمطار تتساقط بغزارة.
وروت “كان الظلام دامسا، لذا استخدمت هاتفي المحمول كمصباح يدوي. وكان الطريق موحلا، فصرت أصرخ -يا الله، ارحمني- مرارا”.
ولن تعود رينا إلى منزلها قبل أن تؤكد لها السلطات أن الوضع بات آمنا.
وأكد إلهام وهاب أيضا أن السلطات ما زالت تتلقى بلاغات عن أشخاص مفقودين الأحد. ولم يتمكن من تحديد عدد الأشخاص الذين تم إجلاؤهم، في حين انصبت جهود عناصر الإنقاذ على البحث عن المفقودين والضحايا.
وقال عبد الملك رئيس وكالة الإغاثة المحلية في منطقة بادانغ في بيان إنه تم التعرف على تسع من الضحايا الأحد، بينهم طفلان يبلغان ثلاثا وثماني سنوات.
ومن جانبه، أعلن المتحدث باسم وكالة إدارة الكوارث في الجزيرة عبد المهاري في بيان تضرر 84 منزلا و16 جسرا ومسجدين في إقليم تاناه داتار، إضافة إلى 20 هكتارا من حقول الأرز.
بحر من الطين والحطام
ويذكر أن الطرق في إقليم تاناه داتار الذي يضم 370 ألف نسمة، غطتها طبقة من الوحل، وغمرت المياه الموحلة عددا من المنازل، وحولت الأمطار أحياء إلى بحر من الطين والحطام تطل منه أسطح مبان وأشجار نخيل.
أما في منطقة ليمباه أناي التي يجذب شلالها السياح عادة، فتعرض الطريق الذي يربط مدينتي بادانغ وبوكيتينجي لأضرار أيضا وأغلق أمام حركة المرور. وفي مكان ليس ببعيد، جرفت مياه فيضان نهر شاحنتين.
ومن جهته، أكد رئيس وكالة إدارة الكوارث في إقليم أغام، بودي بيرويرا نيغارا، تضرر عشرات المنازل والمباني العامة. ويضم إقليم أغام أكثر من 500 ألف نسمة.
كما أفاد بيرويرا نيغارا بأن نحو 90 من سكان الإقليم لجؤوا إلى مدرسة.
وإلى ذلك، يشارك رجال إنقاذ محليون وأفراد من الشرطة وجنود ومتطوعون في جهود البحث.
وقالت مراسلة وكالة الأنباء الفرنسية إن الأمطار هطلت بغزارة “مروعة”، ما دفع السكان إلى البحث عن ملاجئ للطوارئ.
هذا، وفتحت الحكومة المحلية مراكز لإيواء المنكوبين وللإغاثة الطارئة في مناطق عدة في الإقليمين.
وأرسلت السلطات فريقا من رجال الإنقاذ والقوارب المطاطية للبحث عن المفقودين ونقل السكان إلى المناطق التي لم تصلها المياه.
وقال بودي رحمت، وهو مزارع من أغام يبلغ 44 عاما وأب لخمسة أطفال “كان منزلي يهتز، نظرت إلى الخارج ورأيت المياه تتدفق”. مضيفا “ترددت في إخلاء البيت… كل ما كنت أفكر فيه هو أنه علي إنقاذ زوجتي وأطفالي”.
وأكد أن عائلته بخير إذ تمكنوا جميعا من بلوغ منزل أحد أقاربهم المبني على مرتفع.
ويذكر أنه عام 2022، تم إجلاء حوالي 24 ألف شخص ولقي طفلان حتفهما جراء فيضانات في سومطرة.
ومن جانبهم، يرى ناشطون في المجال البيئي في الجزيرة الإندونيسية أن الفيضانات أصبحت أكثر تدميرا بسبب قطع الأشجار. كما يعد جبل مارابي أي “جبل النار” أحد أكثر البراكين نشاطا في البلاد.
وفي كانون الأول/ديسمبر الماضي، تسبب ثوران البركان في مقتل 24 شخصا كانوا في المنطقة، معظمهم طلاب.
هذا، وتعد الفيضانات وانزلاقات التربة ظاهرة مألوفة في إندونيسيا خلال موسم الأمطار. ففي آذار/مارس الماضي، قضى ما لا يقل عن 26 شخصا بسبب انزلاقات للتربة وفيضانات في غرب جزيرة سومطرة.
فرانس24/ أ ف ب