شباب سوريا

في سوريا.. كيف يمكن دعم الشباب مصابي الحرب نفسياً؟

يتعرض الذين شاهدوا واقع أو أحداث مؤلمة في حياتهم وخاصة من شاهد الحروب لصدمات وأزمات نفسية قد تترك آثاراً كبيرة على المدى القريب إن لم تتم المعالجة والإلمام الكامل من قبل المجتمع أو المعالج النفسي.

أخصائي الطب النفسي الدكتور ملهم الحراكي أشار في برنامج (شباب سوريا) إلى أن تأثر الناس يكونوا على عدة أنواع؛ فقسم منهم يمكن أن يتعرض لما نسميه “اضطراب الكرب الحاد” الذي يحدث بعد شهر واحد من حدوث الصدمة وتتمثل أعراضه في حالة الذعر والتوتر الشديد والبكاء، وهي حالة انفعالية صعبة جداً تتطور وتنتهي خلال الشهر الأول، أما الحالة الثانية فهي “اضطرابات مابعد الصدمة”، وهو اضطراب يرافقه كوابيس وإعادة معايشة الحدث الصدام، أي أن الشخص يبقى متعايشاً مع الحالة ذاتهاً مراراً، أما الحالة الثالثة فهو “اضطراب التأقلم” وهي أن الشخص هنا لا يرى كوابيساً ولا يعيد الحدث نفسه دائماً، وإنما يشعر الشخص في هذه الحالة أنه غير مرتاح ولا يشعر بالتكيف، فقد يكون فيها الشخص منتقلاً إلى مكان آخر، ورغم وجود الأمان فإن المريض لا يشعر رغم ذلك بالرياحة المطلوبة، أما الحالة الأخرى فهو حدوث تغييرات في الشخصية نفسها، الكريم يمكن أن يصبح بخيلاً بعد الصدمة، أو قد يكون هادئ فيصبح عصبياً بعد الصدمة، لكن رغم كل هذا فإن قسماً كبيراً من الناس لا يحدث معهم أي مما ذكرناه سابقا ولديهم الصلابة النفسية الكافية للتصدي لهذه المشاكل بعد الصدمة..

أشار الدكتور “الحراكي” إلى أنه يتم تحديد مدة ستة أشهر لمعرفة إن كانت المشكلة النفسية ستعود للشخص مرة أخرى بعد المعالجة أم لا، فإن لم ترجع المشكلة للمريض فهذا يعني في الطب النفسي أنه تخلص منها تماماً ولا يمكن أن تظهر مرة أخرى، لكن هذا لا يعني أن المشكلة لن تعود إليه بعد سنتين مثلاً أو بعد 10 سنوات مثلاً، ففي أمريكا مثلاً، وجدوا أن الجنود الذين عاشوا الحرب في العراق بعد 10 سنوات من عودتهم إلى بلادهم، عادة الحالة إليهم بطريقة ما، وهذا ما أوصلهم لفكرة أن الحالة النفسية للمريض يمكن أن تعود من جديد حتى بعد مدة طويلة من المعالجة، فـ فترة الراحة التي يمكن أن يصل إليها المريض من الممكن أن تساهم في ظهور تلك المشاكل مرة أخرى من العقل الباطن وتطفو على السطح مرة أخرى.

أما عن العلاج فأشار الدكتور “الحراكي” إلى ضرورة فهم الشخص بشكل كامل قبل الدخول في العلاج، إذ لا يكفي معرفة الشخص بشكل مستقبل، وإنما يجب معرفة كل تفاصيله من خلال مجتمعه وعلاقاته وعائلته، وبحسب معرفتنا لطبيعة المريض يمكن دراسة ووضع الخطة العلاجية المناسبة، فأحياناً يكونوا المريض بحاجة إلى علاج دوائي لا أكثر إن كانت لديه رجفة في القلب أثناء مروره بالقرب من سيارة وشعر بالخوف من انفجارها مثلاً، وأحياناً قد يكون العلاج سلوكياً أو معرفياً أو حتى  قد تأخذ شكلاً تحليلاً، فأحياناً قد يحتاج المريض إلى دمج أكثر من طريقة في العلاج في الوقت الذي قد يحتاج فيه البعض الآخر إلى العلاج بأسلوب واحد فقط يكون متماشياً مع الحالة العامة للمريض.

وذكر الدكتور “الحراكي” أهمية نشر ثقافة المعالج النفسي في المجتمع السوري وعدم استهجان الأمر كوننا جميعاً قد نتعرض لصدمات نفسية ومشاكل قد تؤثر على حياتنا ومجتمعنا وكل من حولنا، وإنما مع الأسف لم تنتشر هذه الثقافة بالشكل الكافي في مجتمعنا وهذا ما يخلق مشكلة لدى الكثير من مصابي الحرب الذين يشعرون بحاجتهم لدعم نفسي وإنما لعدم تلقي هذا المجال للدعم الكافي من المجتمع ينحصر تواجده في مناطق دون أخرى، وهذا ما يخلق مشكلة كبيرة لدى المصاب.

الكثير من النقاط والحالات شاركت معنا هذه الحلقة من (شباب سوريا) والتي طرحنا فيها موضوع الحالة النفسية لمصابي الحرب بعد الصدمة، الحلقة كاملة تتابعونها عبر الرابط التالي:

https://www.facebook.com/fm.watan/videos/1056655321347715/

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى