تشابهت بدايات رحلة اللجوء لدى معظم السوريين إلاّ أن النتائج كانت مختلفة إلى حد كبير، فالبعض نسي الغرض الأساسي من رحلة لجوئه، في الوقت الذي أصرّ فيه البعض الآخر على النجاح وتحقيق الحلم الذي غادر لأجله بلده.
غادر “محمد حلاق” مدينة حلب سنة 2015 وهو في عمر الـ 16 سنة متجهاً إلى ألمانيا، وهو رغم الصعوبات التي واجهها في طريقه من سوريا إلى أزمير التركية ومنها عبر البحر الذي تاهوا فيه لأكثر من ثلاث ساعات حتى وصلوا إلى إحدى الجزر اليونانية ومنها إلى ألمانيا، إلاّ أنه لم يبق معتمداً على المساعدات التي قدمتها له الحكومة الألمانية حين وصوله، فتعلم اللغة الألمانية في زمن قياسي وأثبت تفوقه في مادة الرياضيات ليصبح بذلك مدرّسا لمادة الرياضيات على الرغم من كونه طالباً في الثانوية، يقول “محمد” في ذلك:
حين وصولي إلى ألمانيا علمت أن اللغة هي العقبة الرئيسية لدي في هذا البلد، لذلك عملت بشكل جدّي على الموضوع وبدأت بتعلم مفردات جديدة بشكل يومي من خلال تكوين علاقات مع الألمان بهدف التحاور معهم والدخول في مجتمعهم، إلى جانب قيامي بالعديد من الفعاليات والنشاطات بهدف الاندماج معهم، وحين رأت المعلمات هذا الإصرار مني حاولن بدورهن مساعدتي قدر المستطاع من خلال إعطائي لوظائف إضافية أو لكتب ومراجع يمكن أن أطورّ نفسي من خلالها، وهذا ما ساعدني في الإنتقال من صفوف الاندماج التي يدخل إليها اللاجئ في بداية وصله إلى المدرسة العادية التي يدرس فيها الألمان أنفسهم”.
حصل “محمد” على العلامة الكاملة في اللغة الألمانية بالإضافة إلى تخرجه من الثانوية بتقدير امتياز وحصوله على مقعد جامعي في كلية الهندسة المعلوماتية كما كان يحلم، وهذا ما أتاح له الحصول على الإقامة الدائمة “المفتوحة” في ألمانيا، أي أنه لا يتلقى أية مساعدات من الدولة، بل أصبح فرداً منتجاً يعتمد على نفسه، وهذا ما خوّله ليكون مدرساً للطلاب الألمان في مادة الرياضيات..
“يوسف الملحم” هو حالة أخرى لنجاح الشباب السوري، حيث اضطر للخروج من مدينته حمص بعد عملية إعتقال تعرض لها ليلجأ مع عائلته إلى الأردن ويعمل في مصنع للحجارة والرخام بداية عام 2014، لكن ابن “بابا عمر” لم يستسلم للواقع المفروض عليه وإنما قرر العودة لمقاعد الدراسة على الرغم من ابتعاده عنها منذ بداية الثورة السورية..
يقول “الملحم”:
“دخلنا إلى مخيم الزعتري في الأردن في بداية لجوئنا، وكنت أمرّ بالقرب من جامعة الزرقاء وأتحسر على عدم وجود مكان لي فيها، وإنما بعد مرور سنتين استطعت الاستفادة من إحدى المنح ودخلت الجامعة لأعود إلى التخصص الذي لم استطع متابعته في جامعة البعث في سوريا، فكنت أعمل في مصنع للحجر والرخام وأذهب إلى الجامعة في الوقت نفسه، وإنما خلال الفصل الدراسي الأول كان معدل نجاحي 70%، وكان ذلك أمراً عادياً بالنسبة لزملائي الأردنيين في الجامعة، وإنما عند نهاية الفصل الدراسي الثاني استطعت رفع معدلي إلى 88%، وهذا ما فاجئ الطلاب وحتى المدرسين في الجامعة الذين استغربوا النتيجة لمعرفتهم لوضعنا المعيشي وعملي”.
“يوسف” لم يستطع المتابعة في المنحة الممنوحة له، وقرر التخلي عنها في سبيل عائلته، لكن هنالك ما غيّر مسار حياته وجعله يتخرج من قسم الفيزياء بدرجة امتياز…
تفاصيل أكثر حول قصة الشابين السوريين في المغترب تتابعونها في هذه الحلقة من “شباب سوريا” عبر الرابط التالي:
https://www.facebook.com/fm.watan/videos/810089766144326/