توقفّت مجلة “جون أفريك” الفرنسـية عند أسباب اختيار الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (CAF) المغرب، لاستضافة بطولة أمم أفريقيا 2025.
وقالت المجلة، إنه كما كان متوقعا، تم اختيار المغرب لتنظيم كأس الأمم الأفريقية. فبعد تأجيل الإعلان عدة مرات، انتشرت التكهنات لعدة أشهر حول اختيار البلد المضيف للبطولة المقبلة.
المنشآت وجماعات الضغط
وللتذكير، كان المغرب والجزائر وزامبيا، والثنائي المكون من نيجيريا وبنين في السباق على استضافة كأس الأمم الإفريقية 2025، على الأقل حتى 26 سبتمبر، وهو التاريخ الذي فاجأ فيه الاتحاد الجزائري الجميع بسحب ترشحه. أما بالنسبة للنسخة الأخرى من البطولة عام 2027، فقد تخلت عنها الجزائر أيضا، بينما رأى العديد من المراقبين والمتابعين أنها في وضع جيد جدا للفوز، وبقي في السباق كل من مصر والسنغال وبوتسوانا، وثلاثي مكون من كينيا وأوغندا وتنزانيا.
بالنسبة لنسخة 2025، تقول “جون أفريك” إن الكثيرين اعتبروا أن السباق قد حُسم مسبقا. تمتلك المملكة المغربية، التي لم تستضف كأس الأمم الإفريقية منذ عام 1988، البنيةَ التحتية اللازمة، بما في ذلك الملاعب المعتمدة من قبل الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، في الدار البيضاء، مراكش، أكادير، فاس، الرباط وطنجة. وقد استضافت الملاعب الأخيرة مباريات كأس الأمم الإفريقية تحت 23 عاماً في يونيو ويوليو. كما قامت المغرب أيضا بأعمال ضغط مكثفة عبر “لوبيات” في أفريقيا، حيث أقامت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، شراكات مع 44 هيئة.
ونقلت المجلة عن رئيس اتحاد كرة القدم لأحد بلدان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، لم تذكر اسمه، قوله: “يجب ألا ننسى أن فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، هو عضو في الاتحاد الإفريقي لكرة القدم وهو مؤثر في إفريقيا”.
وأمام ملف المغرب المكتمل للغاية، وهو البلد المرشح أيضا لتنظيم كأس العالم 2030 مع إسبانيا والبرتغال، كان لدى الجزائر رغم ذلك حجج. ففي عام 2023، نظمت الجزائر بطولة الأمم الإفريقية (CHAN) وكأس الإمم الأفريقية تحت 17 عاماً في ظروف جيدة بفضل سياسة مكثفة لبناء الملاعب (براقي في ضواحي الجزائر العاصمة، ووهران) وتجديد (ملاعب عنابة وقسنطينة، وملعب 5 جويلية بالعاصمة). ورأى كثيرون أن السيناريو المنطقي هو إسناد نسخة 2025 للمغرب، ثم نسخة 2027 للجزائر المجاورة. لكن الأخيرة فضلت الانسحاب، الأمر الذي يثير بعض التساؤلات، كم تقول “جون أفريك”.
لماذا تراجعت الجزائر؟
من بين الأسباب المقدمة لتفسير هذا التحول الجزائري، يستشهد الكثيرون بعدم الاستقرار المزمن في رئاسة الاتحاد الجزائري لكرة القدم، الذي شهد استقالة شرف الدين عمارة عام 2022، ثم جهيد زفيزف في 2023 بعد عام واحد في رئاسة الاتحاد. وتم اختيار وليد صادي محله في 21 سبتمبر الماضي. وهذا لم يساعد الاتحاد الجزائري لكرة القدم في الدفاع عن ملفه.
وتقل المجلة إن الاتحاد الجزائري، ليس له وزن كبير في إفريقيا، واقتصر اللوبي الجزائري على عدد قليل من المكالمات الهاتفية. وبالتالي، لعبت كل هذه العناصر ضد ترشح الجزائر أمام الجارة المغرب، التي تعد أكثر تأثيرا وأحسن تنظيما خلف الكواليس.
وبدا أن ملفات المرشحين الآخرين لاستضافة “كان 2025” غير مقنعة، تتابع “جون أفريك”، موضّحة أن زامبيا لديها ملعب واحد معتمد فقط (ندولا) ولم يكن لديها أي فرصة لاختيارها. أما نيجيريا التي تشترك مع بنين، فلديها منشآت حديثة وعملية، لكن البلاد تمر بأزمة اقتصادية خطيرة، وما يزال وضعها الأمني مقلقا للغاية. أما جارتها بنين، وهي بالتأكيد أكثر استقراراً وأماناً، فهي لا تملك إلا ملعباً واحداً يفي بالمعايير، وهو ملعب كوتونو.
ومضت “جون أفريك” موضّحة أنه بالنسبة لنسخة 2027، قدم المرشحون ملفات تعريف متنوعة للغاية. تتمتع مصر بالقدرة على تنظيم المسابقة، لكنها استضافتها في عام 2019. ومن المؤكد أن السنغال لديها ملعب جديد في ديامنياديو يتسع لـ50 ألف متفرج بالقرب من داكار، وملعب في تييس (15 ألف متفرج)، ولكن يجب تجديد مبانيها الأخرى على نطاق واسع. ومع ذلك، أُخذ ترشحها على محمل الجد. بوتسوانا، من جانبها، حتى لو أعلنت عن بناء ثلاثة ملاعب وتجديد ملعبين آخرين، فإنها تأتي من بعيد.
واعتبر مدرب أحد المنتخبات في البلدان الواقعة بوسط إفريقيا، أن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، لو عهد ببطولته الرئيسية إلى المغرب في عام 2025 وإلى الجزائر بعد ذلك بعامين، كان سيتجنب “الحساسيات ذات الصلة، ولكن أيضا حساسيات الأوروبيين”، كما تنقل ”جون أفريك”.
في الواقع، كان الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، بقيادة أحمد أحمد، قد قرر في عام 2017 أن تقام البطولة في شهري يونيو ويوليو، وليس في شهري يناير وفبراير، من أجل مواءمة الأجندات وعدم التأثير على أندية القارة الأوروبية، التي أصبحت أقل حماسا بشأن احتمال رؤية اللاعبين الأفارقة الدوليين يغادرون لخوض كأس الأمم الإفريقية في أوج الموسم. وقد تمت إقامة بطولة أمم إفريقيا مرة واحدة فقط، في شهري يونيو ويوليو، وذلك في عام 2019 بمصر.
القدس العربي