رياضة

كأس افريقيا للأمم 2015.. المباريات في غينيا الاستوائية والاحتفالات في بنين

في الوقت الذي تدور فيه فعاليات كأس أمم افريقيا لكرة القدم في غينيا الاستوائية منذ 17 يناير/ كانون الثاني الجاري، تكثّفت وتيرة الاحتفالات في بنين.

فرغم غياب منتخب بنين لكرة القدم عن لائحة الفرق المتنافسة ضمن هذه التظاهرة الكروية الافريقية، إلاّ أنّ أجواء الملاعب انتقلت إلى بيوت سكان بنين وإلى جميع الفضاءات العامة، لتبعث فيها صخبا وبهجة مردّهما الإثارة التي ترافق المباريات التي تجمع عمالقة كرة القدم الافريقية.

واحتفاء بالحدث، ومن منطلق الحرص على عدم تفويت المقابلات التي تجمع بين مختلف الفرق الكروية، وقع تثبيت شاشات عملاقة في الشوارع والمقاهي والملاهي والحانات لبثّ المباريات للجماهير المتعطشة لكبرى المواعيد الرياضية. مباريات تجمع “الأسود” و”الفيلة”، و”النمور” و”النسور”، و”البلاك ستارز” (النجوم السوداء)، و”الأفناك”، وغيرها من المنتخبات الافريقية المشاركة في هذا المحفل الكروي.

ويلتقي عشاق كرة القدم في المركز الترفيهي الكبير “ملتقى المتفرجين” الذي يوجد في “غبيغامي”، وسط العاصمة الاقتصادية “كوتونو”، حيث يتم عادة بثّ مباريات البطولات الأوروبية. ومواكبة للحدث، تهبّ الجماهير من شتى الفئات الاجتماعية لافتكاك مقعد، والتسمّر أمام شاشات التلفاز المعلّقة على الجدران.

وتتعالى أصوات المتابعين منتقدة أداء هذا اللاعب أو مشجّعة لذاك.. صخب وضوضاء وغضب وسخرية تجعل البعض يسترخي وتثير تشنّج البعض الآخر.. بدا أنّ تلك الفضاءات التي تضمّ الحشود المتابعة للمباريات، محكومة بذات قوانين الملاعب. مشجّعو هذا الفريق أو ذاك يضحكون ويسخرون ويعبّرون عن سخطهم، ويتبادلون الإشارات والحركات الرامية إلى استفزاز المعسكر الخصم من المشجّعين.. إنهم يعيشون “الكان” بكل جوارحهم، رغم أنّهم على بعد مئات الكيلومترات عن المستطيلات الخضراء التي تحتضن المباريات.

وقالت سيدة ترتدي قميص منتخب كوت ديفوار، وتدعى “ايبيفان آلوشيمي”، مبتسمة: “الأفيال” (منتخب كوت ديفوار) تبهرني دائما بطريقة لعبها، باستطاعة “جيرفينهو” و”يايا توري” أن يحدثوا المفاجأة هذه العام رغم غياب قائد الفريق “ديدييه دروغبا”، فأنا أثق فيهم وسأبقى وفيّة لتشجيع هذا المنتخب إلى الأبد”.

وفي تعبير عن عدم رضاه عن أداء منتخب “الأفيال”، ردّ “إدموند أوغو”، الطالب في جامعة “آبومي كالافي”، قائلا: “كلّا، لقد أثبت المنتخب الإيفواري محدودية إمكاناته، شأنه في ذلك شأن منتخب النسور الممتازة (منتخب نيجيريا) الذي لم يتأهل أصلا إلى هذه النهائيات. أعتقد أنّ رقعة كرة القدم الافريقية تعرف تغييرات عديدة، بصعود منتخبات طموحة على غرار منتخب الرأس الأخضر، وأنا مشجّع لهذا المنتخب الشاب الذي رغم سذاجته، فقد أبهرني تدريجيا بأدائه”.

وأثناء المباريات، لا يخفي مشجّعو الفرق المشاركة في المسابقة فرحهم بتسجيل الأهداف وبطريقة اللعب الجميلة، فتراهم يحتفلون برفع الأقداح، ويهدون لأنفسهم بعض قوارير المشروبات. وفي هذا الإطار، يقول “أنرست توغي” الذي يعمل في مجال الإعلامية :”منذ بداية كأس أمم افريقيا، أبتاع قارورة خلال كل مباراة، حتى أعيش جميع هذا الحدث بكلّ تفاصيله، لقد خصّصت ميزانية تقدّر بـ 30 ألف فرنك افريقي (ما يعادل 52 دولار).

وإلى جانب المشجّعين وعشاق كرة القدم، تمثّل كأس أمم افريقيا مصدر سعادة لفئات اجتماعية أخرى مثل أصحاب المقاهي وبائعي المواد الالكترونية والقمصان، والذين يجدون موارد تمويل ويوفّرون أرباح هامة.

“آبو”، الملقّب بـ “الأمريكي”، وهو غيني أصل، وصاحب مقهى بـ “جيريشو”، في قلب مدينة “كوتونو”، لديه خطته التي يتبعها منذ انطلاق منافسات “الكان”. يقول: “لمتابعة المباريات في محلّي، أطالب الزبائن باستهلاك مشروب على الأقل مهما كان ثمنه، أو شراء قارورة واحدة منه، دون فرض شروط أخرى. وبهذه الطريقة أرحب بزبائني وأزيد من إيراداتي، مضيفا “لقد تضاعفت مرابيحي تقريبا مقارنة ببقية الأيام بفضل “الكان”، فقد ارتفعت إيراداتي لتبلغ 50 ألف فرنك إفريقي (ما يعادل 82 دولار) يوميا، بعد أن كانت 25 ألف فرنك افريقي (ما يعادل 43 دولار) في اليوم.”

الأجواء ذاتها سادت في مركز النهوض بالصناعات التقليدية، أكبر مركز حرفي في مدينة “كوتونو”، حيث تعرض قمصان مختلف المنتخبات المشاركة في المسابقة للبيع. وتلاقي هذه القمصان رواجا هائلا، ما يجعلها تختفي سريعا من الواجهة، شأنها في ذلك شأن آلة “الفوفوزيلا” (آلة نفخ) الشبيهة بالأبواق، والتي يتم استخدامها في مدرجات الملاعب لتشجيع اللاعبين.

“إينوك”، قال في هذا السياق، مكتفيا بتقديم اسمه الأول للأناضول: أبيع بالخصوص قمصان منتخبات كوت ديفوار والكاميرون والغابون وجنوب افريقيا، كما أبيع أيضا كميات هامة من آلات الفوفوزيلا”.

وفي مدخل ملعب الصداقة “كوهونو”، بـ “كوتونو”، عقّب “سارجيو”، الذي يعمل رساما، وينتمي الى عضوية “نادي الفوفوزيلا”، على هذه البهجة الجماهيرية التي تعيش على وقعها “بنين” قائلا : “نحن نعرف كيف نتصرّف، فرغم عدم تأهّل منتخب بلادنا إلى نهائيات “الكان”، فقد تمكنّا من صنع الأجواء، لقد اقتنينا عددا من آلات الفوفوزيلا، وقمنا بتنشيط المباريات أمام الشاشات العملاقة”.

ومن أجل استقطاب عدد أكبر من الجماهير، يخطط “سرجيو” لتغيير استراتيجيته انطلاقا من الدور نصف النهائي، لكنه لا يزال يفكر في الطريقة التي سيحقق بها مبتغاه، فالحماس ستكون وتيرته أشدّ، بلا شكّ، وهذا ما يستدعي الاستعداد بشكل جيّد، لنيل أرباح أكبر، فهذه التظاهرة تعدّ من فترات الذروة في نشاطه، واستثمارها على أكمل وجه يشكّل هاجسا بالنسبة له.

الأناضول – وطن اف ام

زر الذهاب إلى الأعلى