برهان الدين دوران- “الإسلام المعتدل” هل هو القومية العربية مع القليل من البهار؟ (مترجم)

أعتقد ان قول ولي العهد السعودي بن سلمان عن “العودة الى الإسلام المعتدل” هو احتياج إقليمي بالنسبة لهم أكثر مما هو حاجة داخلية وأعتقد أنه إعداد أيديولوجي جديد في المنافسة السعودية الإيرانية.

في مقالتي البارحة قلت إن إحياء كلمة “الإسلام المعتدل” كانت محاولة لوضع إيران كـ “مؤيد لجميع أنواع التطرف”، عدا عن أن مشروع “الإسلام المعتدل” الذي أخذت عليه الولايات المتحدة براءة اختراع قد أصبح مشروعاً مفلساً جداً.

فبعد أحداث 11 ايلول 2001 أنهت الولايات المتحدة بنفسها سياسة تحويل الإسلام السياسية إلى الديمقراطية.

وهذا هو السبب في أن خطاب بن سلمان حول “الإسلام المعتدل” يحاول عن طريقه صياغة القومية العربية الجديدة وبطبيعة الحال، للحد من نفوذ إيران وحتى تركيا أيضا.

ودعونا ننظر إلى سبب إفلاس السياسة الإسلامية المعتدلة في الولايات المتحدة قبل موجة القومية الجديدة.

كانت أولوية الولايات المتحدة بإنشاء “الإسلام المعتدل والديمقراطي” هي من أجل “المواءمة مع الغرب”، وكانت دائما لا تنظر إلى مطالب الشعوب ولا تجعل من النهج المعتدل الجديد يعكس ما تريده هذه الشعوب.

لذلك لم يستطع الذهاب إلى أبعد من السيطرة على الحركات الإسلامية، وكانت النتيجة العودة إلى ممارسة قمع المطالب بالديمقراطية للمجتمعات الإسلامية، وكان آخر مسمار دق في النعش بزمن إدارة أوباما، وذلك عندما سمحت للدول الخليجية الحالية بتحويل الربيع العربي إلى فصل الشتاء، ودفن مشروع “الإسلام المعتدل” في الأرض.

وقد أثبتت الإدارات الأمريكية عدم صدقها في البحث عن “الإسلام المعتدل” وخاصة في الأمثلة الأربعة التالية:

1. لم يعترفوا أن حماس قد فازت في الانتخابات في غزة عام 2006.

2. بعد ما جرت انتخابات ديمقراطية وللمرة الأولى في مصر أدت إلى مجيء حركة الإخوان المسلمين إلى السلطة وكانت المرة الأولى أيضا عن طريق انتخابات حرة، دعمت تصفية الرئيس المنتخب مرسي بانقلاب السيسي.

3. بعدما بدأ حزب العدالة والتنمية وزعيمه الرئيس أردوغان، بإعطاء الأولوية لمصالحهم الوطنية، وأعربوا عن ظلم النظام العالمي المتمركز في الغرب، بدأت محاولة وصف أردوغان وحزبه بأنهم “إسلاميين راديكاليين فاشيين”.

4. على الرغم من أن حركة غولن، التي تظهر على أنها حركة “حوار وتسامح”، ظهرت بالفعل على أنها “منظمة إرهابية” و “مقادة من الباطن” من ضباط المخابرات، إلا أن الولايات المتحدة لم تقف مع تركيا في معركتها ضد هذه الحركة.

وبسبب هذه الأمثلة، فإننا دائماً عندما نسمع الكلمات الإسلامية “المعتدلة”، نكون قد بدأنا بالاعتقاد أن المشروع الجديد قد بدأ.

وسيضمن المشروع الجديد أن تقترب السعودية ودول الخليج الأخرى من العراق عبر “القومية العربية”.

والهدف من ذلك هو القضاء على التفكك السلفي والشيعي. لتنشيط الانقسامات العربية والفارسية وبالتالي، ضمان أن إيران محدودة في العراق وفي الشعوب العربية الأخرى.

ودعونا نتذكر، أن وزير الخارجية الأمريكي تيلرسون كان قد أوضح في الأيام الماضية أن “الميليشيات الشيعية يجب أن تغادر العراق”.

وفى يوم الخميس الفائت، دعا تيلرسون العراق إلى المقاومة وأضاف قائلاً “العراقيون هم من العرب وليسوا من الفرس، وسواء كانوا من السنة أو الشيعة، فإن العراقيين عرب، وأعتقد أن السعوديين على استعداد للاتصال مرة أخرى مع الأخوة القبلية (العراقيين)، والتي هي قديمة جدا”.

كما شجع تيلرسون وزير الخارجية السعودي جبير على إعادة الاتصال مع “الإخوة العرب العراقيين”.

وفي النتيجة، تستند المنافسة السعودية – الإيرانية على القطبية بين الوهابية والأيديولوجية الشيعية، وإذا استمرت المنافسة على هذا المستوى الأيديولوجي، فإن التضامن الشيعي يبرز لصالح إيران، ولا تزال الأخوة العربية في الظل.

لهذا السبب، هناك حاجة إلى القومية العربية الجديدة مع صلصة “الإسلام المعتدل”.

جريدة صباح – وطن اف ام

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى