أستطيع أن أقول، أنه لا يوجد سوري واحد يأخذ تصريحات الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» على محمل الجد، ولو حاول أن يلونها ويضع عليها بعض الرتوش التي تجعلها قابلة إلى حد ما عند من لديه الاستعداد لتصديقها.
نستعجل فنقول: كيف نطلب من السوريين أن يصدقوا تصريحات أوباما وهم يرون يوميا ما تفعله براميل بشار الأسد فيهم، تقتل وتهدم ولا يطرف له جفن؟
وفي مؤتمره الصحافي مساء يوم 6 تموز/يوليو قال أوباما إن بشار لا يمكنه أن يكون جزءا من الحل وأن عليه أن يرحل، ثم يسند كلامه بموقف الرئيس الروسي بوتين وإلى بعض قادة دول الخليج ( في اليوم نفسه صرح بوتين أن لا أحد يجبر بشار على الرحيل). نحن نقول: الشعب السوري لا يجد في كلام أوباما ما يستحق التعليق.
ما يستحق التعليق في كلام أوباما قوله إن المعتدلين من سيقوم بتحرير سوريا من تنظيم الدولة. لكنه لم يقل لنا من هم هؤلاء المعتدلون في سوريا؟
للإجابة عن هكذاسؤال يجب أن نعرف ما يريده أوباما في سوريا؟فهو ورث عن جورج بوش الابن عراقا مفككا يقتل فيه الشيعي السني ويقتل فيه الشيعي الكردي ويقتل فيه السني الكردي والشيعي، وهو يعتبر أن بوش نجح أمريكيا أيما نجاح ويريد أن ينهي بقية ولايته الثانية وقد رأى سوريا تتفكك كما تفككت العراق.
صحيح أن ثلث سوريا تدمر وأن عدد القتلى زاد عن ربع مليون والمفقودون مثل ذلك، وتشرد أكثر من أربعة ملايين ونزح داخل سوريا أكثر من عشرة ملايين، لكن مازال المقاتلون ينادون بسوريا الموحدة داخل حدودها الطبيعية وينشد أطفالها في مدارسهم «بيرقنا بثلاث نجوم ودولتنا عربية». وحتى هؤلاء المعتدلون الذين يدربهم أوباما، الذين انشقوا عن جيش بشار وجذبتهم الدولارات الأمريكية فإن نصفهم ترك التدريب حين قال لهم مدربوهم أنتم ستحاربون تنظيم الدولة وليس بشار أسد. أما من بقي في سلك التدريب فلا يعلم ماذا ينوون بعد انتهاء التدريب.
ونعود مع أوباما إلى المعتدلين، فإن الشعب السوري مثل بقية الشعوب العربية، فيهم الإسلامي وفيهم العروبي وفيهم اليساري. لكنهم حين ينخرطون في قتال جيش بشار أسد كلهم يصبـحون إسـلاميين.
فقد رأوا كيف أن بشار الأسد قد استقطب حزب حسن نصر الله ومن تطوع من إيران ومن فرس العراق، عدا عمن جمعتهم طهران من أفغانستان. هؤلاء الجنود كانوا لا يصلون قبل انشقاقهم عن جيش بشار، فلما انتظموا في كتائب الثوار تركوا ما كانوا يفعلون في جيش بشار وانتظموا في مع من سبقه: فرسان في النهار ورهبان في الليل.
الغالبية العظمى من جيش جبهة النصرة هم من السوريين. انضموا إليها عندما التزمت بقتال جيش بشار، وليس لأن الجولاني أعطى البيعة لأيمن الظواهري. وأحرار الشام ولواء التوحيد وصقورالشام وجند الأقصى كل هؤلاء شكلوا غرفة جيش الفتح في الشمال وفي القلمون، حتى الجبهة الجنوبية حول درعا، يقاتلون مجتمعين ويقاتلون في جبهاتهم مثلما يفعل جيش الإسلام في الغوطة، لا ينتظرون من أوباما شيئا. لو كان يريد مساعدتهم لأعطاهم مضادات الطائرات يدفعون بها طائرات بشار التي أهلكـت الحـرث والنسـل.
إذا كان أوباما حاول أن يعشم السوريين في مؤتمره الصحافي، فقد خانه المنطق لأن السوريين ما عادوا يقبلون هذا المنطق. فعندما لوحت تركيا منذ عدة أيام بإنشاء منطقة حظر طيران بادر أوباما فأعلن أنه لا يؤيد إنشاء مثل هذه المنطقة،ما يعني أنه يؤيد براميل بشار التي تقتل البشر وتدمر الحجر. السوريون رأوا سيىء أوباما بسكوته عن جرائم بشار.
ورأوا ما هو أسوأ منه عندما يرسل طائراته تقصف مواقع أحرار الشام ومواقع جبهة النصرة، وآخرها غارتان على قرية رأس الحصن قرب سرمدا في ريف إدلب استشهد فيها ستة مقاتلين من جبهة النصرة.
المصدر : القدس العربي