مقالات

محمود عثمان – الإيراني إذ يفاوض السوري على إجلائه عن أرضه!.. ويل للعرب من تقسيم قد اقترب

نشرت مصادر إعلامية ما قالت إنه نص مسودة الاتفاق بين حركة “أحرار الشام” ووفد إيراني تنصّ على الإفراج عن أربعين ألف معتقل في سجون النظام السوري، على أن يتم خروجهم بشكل موازٍ لخروج الراغبين من المدنيين والعسكريين من الفوعة، إضافة إلى وقف إطلاق النار في عدد من مناطق الجنوب منها الزبداني ومضايا، وفي الشمال الفوعة وكفريا، وإخراج كل جرحى الجنوب إلى إدلب، وكل جرحى الشمال إلى حماة. كما تنصّ مسودة الاتفاق على إخراج فوري لكل الجرحى والمرضى السوريين من الزبداني ومضايا، ووقف إطلاق النار لمدة شهر قابلة للتمديد لحين انتهاء البنود الخاصة بإخراج الراغبين من المقاتلين والمدنيين، إضافة إلى المعتقلين. وتنصّ كذلك على إدخال المواد الطبية الضرورية للحالات الطبية العاجلة في الطرفين، وتقديم قوائم كاملة للمدنيين الراغبين في تسوية أوضاعهم أو المغادرة، مع تحديد وجهة المغادرة.

مصدر مطلع في حركة “أحرار الشام” كشف أن المفاوضات انهارت بسبب إصرار المفاوض الإيراني على خروج العسكريين والمدنيين ليس من مدينة الزبداني وحسب، بل من المدن والبلدات المجاورة لها مثل مضايا وسرغايا وبقين، إلى مناطق الشمال السوري، مقابل استيطان سكان بلدتي كفريا والفوعة في مناطقهم.

وأوضح المصدر ذاته أن وفد حركة “أحرار الشام” في المفاوضات طلب إفراج النظام عن 40 ألف معتقل في سجون النظام، وأن الوفد الإيراني وافق على ذلك مقابل الشروط الآنفة، لكن وفد الحركة رفض الصفقة بهذا الشكل وعرض خروجاً آمناً للمدنيين والعسكريين في المناطق المذكورة، أي الزبداني وجوارها، إضافة إلى كفريا والفوعة، ورفع الحصار عن هذه المناطق بالتزامن، وأكد المصدر أن المفاوضات جرت عبر وسيط من الأمم المتحدة، وأن الإيرانيون وحدهم من كان يفاوض في ظل غياب أي ممثل عن النظام السوري.

يبدو أن حركة “أحرار الشام” تعمدت تسريب نص الاتفاق مع الطرف الإيراني  ربما بعد أن شعرت بأنها تورطت بخطوة أكبر من حجمها، وأن مثل هذه الخطوة التي تمس مستقبل سورية بشكل مباشر تحتاج مشاركة وطنية أوسع , ثم بهدف الايقاع بين نظام الأسد و جمهوره الذي طالما طالبه ببذل جهود للإفراج عن مئات المعتقلين لدى قوات المعارضة من جنود ومقاتلين من أنصار النظام، من دون أن يلقى استجابة من النظام، بينما تتكفل إيران ببساطة بالإفراج عن 40 ألف معتقل دفعة واحدة مقابل حل مشكلة سكان قريتي الفوعة وكفريا، خصوصاً أنه سبق أن جرت عمليات تبادل أسرى مع قوات المعارضة طرفها مقاتلون أو مدنيون يخصون إيران.

واضح أن النظام السوري ومعه حزب الله، يعطيان أولوية لمعركة الزبداني، عبر تشديد الحصار عليها، والاستمرار في قصفها جواً بالبراميل المتفجرة، وبرًا براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة واعتبارها أرضا محروقة , بسبب حاجة النظام السوري ومعه حزب الله إلى تحقيق انتصار إعلامي، خصوصاً في هذه المنطقة التي تُعتبر أحد أهم النقاط الحساسة في المشروع الإيراني.

الإصرار الإيراني على تفريغ منطقة الزبداني وجوارها من سكانها واستبدالها بسكان من بلدتي الفوعة وكفريا، يؤكد أن إيران تسير وفق مخطط يهدف إلى تقسيم سورية، ويسعى لتأمين مناطق تسميها ايران “سورية المفيدة”  التي تضم الساحل وحمص ودمشق، وضمان حاضنة شعبية شيعية مؤيدة لسياستها في تلك المناطق، حيث لا تعتبر ايران العلويين السوريين حلفاء مضموني الولاء.

فشل المفاوضات بين مندوبين إيرانيين ومندوبين من حزب الله اللبناني للتوصل إلى تسوية في بلدة الزبداني وقريتي كُفْريا والفوعة، كشف مرة أخرى زيف ادعاء نظام الأسد بأنه الوحيد الذي يتمتع بالشرعية ويحمي قلعة العروبة، فكيف لهكذا نظام أن يقبل بأن تفاوض الاستخبارات الإيرانية بالنيابة عنه تنظيمًا إرهابيا لا يعترف به أساسًا، في شأنٍ من المفترض أن يعتبر مسألة سورية داخلية لا يحق لأي جهة خارجية التدخل فيها.

هناك إجماع بأنَّ القرارات الفعلية، السياسية والعسكرية، المتعلقة بالقضية السورية لم تعد في القصر الجمهوري في دمشق، إنما في حوزة الولي الفقيه وهيئة أركان الحرس الثوري في طهران. وهذه أم المشاكل، فكل الوسطاء، وسطاء الشر والخير، كان عليهم أن يبحثوا عن الموقف والقرار الصحيح والخبر اليقين في إيران وفي موسكو وليس في دمشق وما زيارتهم لبشار الأسد إلا من  قبيل رفع العتب، وفي أفضل الأحوال من أجل العلم والخبر، حيث وصل الأمر بالإيرانيين إلى المجاهرة في العمل على تغيير النسيج الديمغرافي السوري على أسس مذهبية وطائفية.

كل هذا يحدث في وضح النهار، وتحت مرأى ومسمع الجميع، وعلى رأسهم الأشقاء العرب !. لكن اللافت للانتباه هذا السكوت المريب، حيث لم نسمع أو نر احتجاجا أو اعتراضا على التدخل الإيراني السافر من أي جهة رسمية عربية  جامعة عربية كانت أو دولة !. رغم إدراك الجميع رسميا وشعبيا وعلى وجه اليقين أن التقسيم لو بدأ – لاسمح الله – فلن يقف عند المحطة السورية فقط، إذ لا حصانة لأحد من العرب بعد أن يؤكل أخوهم الثور (السوري) الأبيض.

المصدر : ترك برس 

زر الذهاب إلى الأعلى