“خط ساخن” تم إنشاؤه بين مركز القيادة الجوية الروسي -في مطار حميميم السوري الواقع تحت سيطرة القوات الروسية المطلقة – ونظيرتها الإسرائيلية في خطوة تهدف بحسب تصريح كوناشينكوف- المتحدث الرسمي للدفاع الروسي- إلى تبادل المعلومات بين الجانبين في ما يتعلق بالعمليات الجوية للبلدين فوق الأراضي السورية، وفيما تحرص حكومة بوتين على أن تظهر تعاونها مع الجيش الإسرائيلي وعمليات التدريب المشتركة بينهما وتؤكد بأنها تجنبا لحوادث الصدام الخطيرة بين القوات الجوية والإسرائيلية في سماء سوريا، إلا أن التطورات الأخيرة والتي كان أهمها ما تسرب عن نية بعض دول مجلس التعاون الخليجي -القلقة من تزايد النفوذ الإيراني في المنطقة- إبرام صفقات أسلحة مع إسرائيل تشتمل على منظومة دفاعية متطورة ضد الهجمات البالستية و منظمومة اعتراض لصواريخ بعيدة المدى مع إسرائيل عبر وسطاء من أميركا وأوروبا و وصول المفاوضات بينهما إلى مراحل متقدمة.
الهدف الأساسي من عمليات التعاون الروسي الإسرائيلي يتجاوز تبادل المعلومات وتجنب التصادمات في الأجواء السورية، إلى إحراج الدول المناوئة للعمليات الروسية و التي ترتبط بعلاقات قوية مع إسرائيل وخاصة واشنطن، إضافة إلى تحصين الطيران الروسي ضد عمليات الاستهداف التي باتت تهددها سواء من قبل قوات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة على الأراضي السورية أو من جانب المقاومة الشعبية المسلحة التي تم فك الحظر عن تسليحها بصواريخ مضادة للطيران بعد التصعيد الروسي الأخير.
فعلى الرغم من توصل مسؤولين عسكريين أمريكيين و روس إلى بروتوكول اتفاق يجنب أي تصادمات غير مرغوبة في الأجواء السورية، والذي تم بعد حادثة التهديد التي شكلها اقتراب طائرة حربية روسية من أخرى أميركية فوق سوريا لمسافة أقل من ثلاثة كيلومترات، إلا أن العلاقات الدبلوماسية بين موسكو وواشنطن شهدت في الآونة الأخيرة تدهورا حادا و خصوصا بعد الحملة الدبلوماسية الشرسة التي شنها بوتين على واشنطن واتهمها بالفشل في مكافحة الإرهاب نتيجة لعدم وضوح الأهداف.
أتى ذلك بعد رفض واشنطن استقبال وفد روسي برئاسة رئيس الوزراء ديميتري ميدفيديف، بحجة أن موسكو ترفض المساهمة البناءة في الحرب الدولية ضد تنظيم الدولة، إضافة إلى أن تصرفاتها تتسم بالانفرادية.
وعلى هذا تحرص وزارة الحرب الروسية على الاهتمام بالإجراءات الاحترازية وخصوصا أن القفز فوق البروتوكولات والأعراف الدبلوماسية بات مشهدا متكررا، إما من حكومة موسكو نفسها أو واشنطن أو إسرائيل أو طهران أو الأسد.
نذكر بآخرها حين امتنع النظام السوري والقيادة العسكرية الروسية عن الالتزام ببروتوكول تنسيقي كان قد اعتمد في غرفة لقاء بغداد قبل الحملة العسكرية الروسية والذي تشكلت بموجبه هيئة تنسيقية تضم روسيا وسوريا وإيران والعراق
نضيف إلى ذلك رفض القيادة العسكرية الروسية في سوريا السماح لوزارة الدفاع السورية بالاطلاع على الأجهزة والمعدات اللوجستية و الأسلحة الروسية المتواجدة في المعسكر الروسي داخل مطار حميميم في مدينة اللاذقية على الساحل. إضافة إلى الحساسيات داخل غرف التنسيق والتي أثارها استهداف حواجز لقوات الأسد والأراضي الإيرانية بالصواريخ العابرة للقارات، وموجة الاغتيالات السريعة لعدد من قيادات إيران وحزب الله والتي تم تغليفها بعبارة الاستشهاد دفاعا عن الأماكن المقدسة!
وهنا نتساءل: ما الذي يمكن أن يقدمه التحالف الروسي – الإسرائيلي في الأجواء السورية للجانبين؟
الجانب الإسرائيلي: يضمن حرية الحركة في الأجواء السورية وضرب أي معقل خطر يمكن أن يؤثر على أمنه الحدودي بالإضافة إلى تقويض حركة حزب الله على الأراضي السورية، وربما إزاحته خارج المشهد السوري نهائيا.
أما الجانب الروسي: فيضمن الحصول على اتفاقية بعدم استهداف طيرانه أو معسكراته على الأراضي السورية، فصفقات السلاح التي يمكن أن تتم مع اسرائيل يمكن أن تتضمن بندا ينص على عدم بيع أو تسليم أي من أسلحتها إلى طرف ثالث دون موافقتها، وعليه يمكن لإسرائيل فرض شروطها على المستخدمين والتي من ضمنها ألا تشكل أي تهديد على حركة الطيران الروسي فوق الأجواء السورية، وألا تستهدف أيا من معسكراته أو تعيق حركته.
أما النظام السوري فقد أسقط آخر ورقة توت عن ممانعته المزعومة، بعد أن أزاحته إيران كليا عن غرف صناعة القرار السوري، وهو اليوم يدفع ثمن دعوة الدب إلى كرمه؟ و يكشف عن حمقه للمرة الألف، فكم هو أحمق من يجلب الدب إلى كرمه!؟ وخاصة الدب الروسي!
المصدر : عربي 21