مقالات

محمد أبو رمان – القائمة الأردنية و”القنبلة الموقوتة”!

لا توجد أخبار من الطرف الأردني، ولا معلومات واضحة عن المهمة التي عُهدت إلى حكومتنا؛ ونجاح الأمر لم يكن يعتمد على كفاءة القدرات الأمنية الأردنية فقط، بل على القنوات الدبلوماسية مع الأطراف المختلفة، وهنا تحديداً يكمن التعجيز في الوصول إلى قائمة توافقية للمنظمات الإرهابية، مع تباعد، بل وتضارب الأجندات الدولية حول سورية، وتباين تعريف الإرهاب والتطرف بين اللاعبين المحليين والإقليميين والدوليين. بل ربما داخل الدولة نفسها هناك أكثر من تعريف ومعيار للإرهاب والتطرف ومحددات المنظمات التي من المفترض أن تكون ضمن القائمة!

الأمر كان أشبه بـ”مهمة مستحيلة”؛ فبالرغم من أنّ هناك مجموعات يمكن الاتفاق على تعريفها بـ”الإرهابية” دولياً، مثل تنظيم “داعش” و”جبهة النصرة” والفصائل التي تدور في فلكهما، إلاّ أنّ هناك في المقابل “منطقة رمادية” واسعة تتشكل من فصائل إسلامية، ذات أيديولوجيا سلفية، لكنّها ذات طابع محلي سوري، ولديها أهداف دينية، بالإضافة إلى الهدف الرئيس وهو إسقاط نظام حكم بشار الأسد.

المعلومات الأوّلية تشير إلى اعتراض روسي-إيراني على عدم تضمّن القائمة لحركة “أحرار الشام”، ما دفع بهما إلى عدم قبولها، لأنّ الرهان الروسي كان على وضع هذه الحركة في اللائحة، وهي التي تشكّل اليوم قوة ضاربة حقيقية في سوريا، وتحديداً في الشمال الغربي، أي إدلب وريفها وريف حماة.

والأهم من هذا وذاك هو شبكة التحالفات التي تلتزم بها الحركة، وتمثّل العمود الفقري للمقاومة الشعبية في سوريا في أغلب مناطق الشمال والشمال الغربي. فهي في الشمال الغربي (إدلب واللاذقية وريف حماة) تتحالف مع “جبهة النصرة” وفصائل أخرى فيما يعرف بـ”جيش الفتح”، وهي في ريف حلب تتحالف مع حركات إسلامية أخرى، مثل “فاستقم كما أمرت” و”نور الدين زنكي” وغيرهما فيما يعرف بـ”الجبهة الشامية”. وهذه وتلك هي شبكة تحالفات واسعة وعريضة، سيؤدي وضع “جبهة النصرة” و”أحرار الشام” في قائمة المنظمات الإرهابية إلى وضع هذه الشبكة العريضة في موقع الخصم أو الخندق نفسه مع تنظيم “داعش”، ما يعني أنّ أغلب القوى المعارضة في الشمال هي قوى إرهابية بتعريف المجتمع الدولي!

من أجل ذلك يبدو الصراع على حركة “أحرار الشام” كبيراً. فعلى الطرف الآخر، يعمل المحور التركي-القطري-السعودي على “تأهيل” الحركة، بوصفها معارضة إسلامية معتدلة، يمكن أن تكون بديلاً أو الطرف الذي يحل محلّ تنظيم “داعش”، في حال تمّت هزيمته عسكرياً. وهو ما دفع بالمسؤول عن ملف الشؤون الخارجية في “أحرار الشام”، لبيب النحاس، إلى نشر مقالين في صحف غربية كبرى يتحدث فيهما عن حركته بوصفها “رأس الحربة” في مواجهة “داعش”.
سابقت الرياض الزمن في تنسيق مؤتمر المعارضة السورية، وإصدار ميثاق يحدد أهداف القوى المختلفة، يتضمن القبول بدولة مدنية ديمقراطية، وبالتفاوض مع النظام. وقد وقّع عليه مسؤول الملف الخارجي لبيب النحاس، بالرغم من أنّ قيادة الحركة قامت بإصدار بيان في اليوم نفسه يرفض تلك المخرجات التي تهدد علاقتها بحلفائها، وفي مقدمتهم “جبهة النصرة”، التي خرج أميرها أبو محمد الجولاني، لاحقاً، في مؤتمر صحفي استثنائي ليهاجم بشدة مقررات الرياض ويتوعد بإفشالها بوصفها مؤامرة!

لم تصدر “أحرار الشام” غداة مؤتمر الرياض أي موقف جديد. ومن الواضح أنّ القرار هو “تعويم” موقف الحركة، ليستفاد منه دولياً في مواجهة الروس، وفي الوقت نفسه لا يحدث الصدام والشقاق بينها وبين “جبهة النصرة”، فتبقى بالفعل هذه الحركة كـ”القنبلة الموقوتة” ليس فقط في القائمة الأردنية، كما وصفتها صحيفة “الأخبار” اللبنانية المقربة من إيران، بل في ترسيم معالم المرحلة المقبلة!

المصدر : الغد الأردنية 

زر الذهاب إلى الأعلى