دفع الغرب بسياساته وتدخلاته في المنطقة العربية أطماع إيران للحضور بقوة، وهو، ممثلاً بالولايات المتحدة، قدم العراق باكورة رعاية للحلم الفارسي في الهيمنة على العالم العربي. والذي تابع الموقف الغربي المتشدد من الملف النووي الإيراني في بداياته كان يرى وضوح الهدف من تضخيم دور إيران في المنطقة. وبعد التهديدات الأميركية بشعارات «محور الشر» تم التوقيع على اتفاق كان بداية انطلاق مشروع الحلم الفارسي للعلن.
والغرب لا يعنيه ما يحدث للمنطقة من خراب وحريق. لا تعنيه الحروب ولا الضحايا والمهجرين إلا في ما يعود عليه بالنفع اقتصادياً وسياسياً، فهو الأعلى من بين الدول بيعاً للأسلحة في المنطقة، وهي في هذا الوقت الصناعة الأكثر رواجاً واستهلاكاً، لذلك هو يغذيها بقوته الإعلامية وأحياناً الديبلوماسية.
في مقابل هذا التوظيف الغربي للصراعات يبرز سياسة إيران الهوجاء. الاعتقاد في طهران أن اللحظة التاريخية المناسبة لتحقيق الحلم الفارسي حانت مع تصدع النظام العربي القديم. وتمتاز إيران عن إسرائيل في استغلال الطائفية كحصان طروادة.
عاشت السياسة الإيرانية عقوداً من الاستغلال لقضية فلسطين بهدف السيطرة وإدارة عواطف الجماهير واستلاب العقول العربية، وحققت مكاسب من ذلك من دون شك، في وقت كان العرب فيه يعرضون اتفاقات على الدولة اليهودية برعاية الأميركي من دون تجاوب. وطهران الآن تعيش وهم القوة مستندة إلى رضا أميركي توج بتمكين طهران من السيطرة على العراق ودعم روسي في سورية. هذا الوهم الفارسي هو رأس المال للمشروع الغربي الصهيوني في العالم العربي ويتم استثماره واستخدامه وتغذيته.
هذه المعطيات تؤكد أن الصراع مع إيران سيطول، وأن أدواته ليست عسكرية وسياسية فقط بل تشاركهما في الأهمية الأدوات الثقافية والإعلامية. وليس سراً أن الأدوات العربية – الخليجية ضعيفة مع اختراق ممنهج إما طائفي أو من تجار الصراعات السياسية لكثير من وسائل الإعلام العربية الأخرى.
إننا في حاجة إلى اليقظة والوقوف أمام هذا التحدي الكبير مع صراع سيطول. هل لدينا استراتيجية وخطط عمل للمواجهة؟ الإجابة واضحة، بأنه لا يوجد، وما يتم ليس إلا اجتهادات. إذا لم تكن لديك القوة الثقافية والإعلامية المحترفة واضحة الأهداف ستكون عرضة لتشويه الصورة إقليمياً ودولياً، ولا يمكنك التصحيح في الوقت المناسب، كما تكون عرضة للابتزاز من الإعلام السياسي ممن يوصفون بالأشقاء وأحياناً بالأصدقاء.
المصدر : الحياة