قراءة التصريحات السعودية، على لسان وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، وتصريحات نظيره الأميركي جون كيري، حول إيران، تقول لنا إن الفجوة بين دول الخليج وأميركا حول الملف النووي الإيراني كبيرة. تصريحات الأمير سعود الفيصل أمام نظيره الأميركي كانت واضحة، وصريحة، حول العبث الذي تمارسه إيران في اليمن ولبنان وسوريا، والعراق، وخصوصا المشاركة في القتال ضد «داعش» في تكريت، وذلك عندما قال الفيصل: «تكريت مثال ساطع على ما يقلقنا.. إيران في طريقها لوضع يدها على البلاد»، أي العراق.
بينما كانت تصريحات وزير الخارجية الأميركي في الرياض غير قادرة على الإقناع، أو التطمين، وظهر ضعف الموقف الأميركي عند قول كيري: «دعوني أؤكد.. نحن لا نسعى لمقايضة كبيرة. لا شيء سيتغير في اليوم التالي للاتفاق – إن توصلنا إليه – فيما يتعلق بكل القضايا الأخرى التي تمثل تحديا لنا في هذه المنطقة». بل إن كيري أقر بالدور العبثي، والسلبي، الذي تلعبه إيران بالمنطقة، خصوصا عندما اعترف بأن لإيران دورا إرهابيا في المنطقة؛ حيث إنها تقوم برعاية الإرهاب. وعليه فإن السؤال هنا هو أي اطمئنان ذاك الذي يمكن أن يبثه الوزير الأميركي لدى نظرائه الخليجيين، أو في الرياض؟
الحقيقة أن المؤتمر الصحافي الذي جمع وزير الخارجية السعودي بنظيره الأميركي يظهر تماما حجم التباين في وجهات النظر، كما يظهر حجم الورطة التي وقعت فيها الإدارة الأميركية بعد خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في الكونغرس حول خطورة الاتفاق المزمع توقيعه مع إيران. ما قاله كيري هو محاولة للرد على ما قاله نتنياهو، وهو حقيقة، فإيران تفاوض أميركا والغرب بينما تكرس احتلالها لأربع عواصم عربية هي دمشق وبيروت وبغداد وصنعاء، فكيف سيكون الحال إذن بعد التوصل لاتفاق مع أميركا؟
الواضح الآن هو: إما أن الرئيس الأميركي يبحث عن مجد شخصي لا يقدر عواقبه، وإما أنه غير مدرك لخطورة ما يفعل، وهذا الأقرب للواقع. الحقيقة أن اتفاقا سيئا مع إيران هو كارثة، وبمثابة اعتراف دولي بالاحتلال الإيراني لدول المنطقة، وبمباركة دولية برعاية الإرهاب الذي تقوم به إيران. ولذا فإن المنطقة مقبلة على كارثة حقيقية ولا نعلم كيف ستكون الأمور حتى نهاية فترة الرئيس أوباما الذي يقود المنطقة ككل إلى كارثة حقيقية، حيث لا يمكن تخيل المنطقة بإيران نووية مع اكتفاء باقي دول المنطقة بالمشاهدة، فحينها لا بد أن يكون الرد على القنبلة النووية الإيرانية بقنبلة نووية عربية، وإلا فإن دولنا تكون قد باركت العبث الإيراني، ووقعت ضحية سذاجة البعض في واشنطن. لذلك فإن زيارة كيري للرياض تبعث القلق وليس الطمأنينة، والمفروض أن تكون كل الخيارات متاحة الآن أمام دول المنطقة المعنية للرد على أي تحرك أميركي عبثي لإطلاق المارد الخميني الذي لم يجلب للمنطقة إلا الخراب والفتنة.
الشرق الأوسط _ وطن اف ام