عندما أعلن أبو بكر البغدادي عن الخلافة في شهر يوليو من العام الماضي، أسقط “العراق وسوريا” من اسم مجموعته. وقال البغدادي حينها إنه من الآن فصاعدًا يجب تسمية المجموعة ببساطة بالدولة الإسلامية، وهو ما كان متوافقًا أكثر مع طموحاتها بنشر نسختها من الحكم الإسلامي عبر العالم. وبعد عام، أصبح لدى المجموعة بالفعل تأثير خارج حدود تلك الأقطار، وهو ما يظهره الأسبوع الماضي الدموي.
وزعمت جماعات تستخدم اسم الدولة الإسلامية مسؤوليتها عن إطلاق النار على السياح في تونس، وعن تفجير مسجد شيعي في الكويت، يوم 26 يونيو. ويقول مسؤولون فرنسيون إن الدولة الإسلامية قد تكون مرتبطة أيضًا بقطع الرأس الذي حدث في غرينوبل الفرنسية في نفس اليوم. وبعد أيام، قالت الدولة الإسلامية إنها كانت وراء تفجير مسجد في العاصمة اليمنية صنعاء، في حين تكهن البعض بأنها كانت تقف أيضًا وراء التفجير الذي قتل هشام بركات، وهو النائب العام في مصر، في القاهرة. ولم تدع الدولة الإسلامية المسؤولية عن هذا الهجوم، ولكنها كانت قد هددت القضاء في وقت سابق. وفي 29 يونيو، استولت الدولة الإسلامية على بلدة في أفغانستان. وبعد يومين، شنت مجموعة مرتبطة بالدولة الإسلامية في مصر هجومًا دمويًا ضد الجيش.
ولدى الدولة الإسلامية اتصالات في الشرق الأوسط وما وراءه، ولكن العلاقات بين قادتها في سوريا والعراق وأولئك الذين يحملون اسمها في أماكن أخرى متنوعة وغامضة. وفي 11 دولة، بما في ذلك اليمن، والدولة التي أضيفت مؤخرًا للقائمة، روسيا، اعترفت الدولة الإسلامية بوجود مجموعة تابعة لها. وفي أماكن أخرى، كالهند على سبيل المثال، هناك مجموعات تدعي أنها تابعة للدولة الإسلامية، ولكن لم يتم قبولها حتى الآن من قبل البغدادي. وفي تونس، قد يكون المهاجم التونسي استجاب لدعوة التنظيم للمسلمين بتنفيذ هجمات؛ وعلى الرغم من اعتراف مجموعة بالتنظيم هناك، لم تعترف الدولة الإسلامية بهذه المجموعة بعد.
وبمجرد قبول البغدادي للبيعة، تعلن الدولة الإسلامية عن نشوء “ولاية” جديدة للخلافة. ولكن وفقًا لدابق، وهي مجلة التنظيم باللغة الإنجليزية، لدى الدولة الإسلامية مجموعة من المعايير الصارمة لكل المجموعات التابعة لها. ويجب على هذه المجموعات تعيين محافظ، وإنشاء مجلس للحكم، وتنفيذ نسخة التنظيم في الحكم الإسلامي. ويجب أيضًا أن يكون لدى المجموعة خطة للاستيلاء على الأراضي؛ حيث إنه، ومن خلال مطالبها بإقامة دولة، تميز الدولة الإسلامية نفسها عن الإرهابيين الآخرين.
وتؤكد دابق أيضًا على الحاجة للاتصال، وتقول إن الجماعات المعتمدة سوف تحصل على الدعم. ولكن بالنسبة للجزء الأكبر، يبدو أن حتى هذه الجماعات المعترف بها لا تمتلك سوى اتصال تشغيلي محدود مع قادة الدولة الإسلامية في سوريا والعراق.
ويبدو أن فرع التنظيم في ليبيا هو الأكثر ارتباطًا بالدولة الإسلامية. وقد تأسست هذه المجموعة في شمال شرقي مدينة درنة في أواخر عام 2014 من قبل السكان المحليين الذين قاتلوا مع الدولة الإسلامية في سوريا والعراق. وتتشابه عملية الذبح المروعة التي ارتكبها فرع التنظيم في ليبيا بحق 21 من المسيحيين الأقباط في فبراير مع الفظائع المماثلة للتنظيم في العراق وسوريا، حتى في ارتداء الضحايا لملابس باللون البرتقالي. وقد تم إنتاج فيديو عملية القتل من قبل الفرع الإعلامي في الدولة الإسلامية.
ولدى “ولاية سيناء” في مصر، والتي انبثقت من أنصار بيت المقدس، علاقات مع قادة الدولة الإسلامية كذلك. وقد أصبحت هذه المجموعة أكثر فتكًا منذ انضمامها للدولة الإسلامية. وفي 1 يوليو، قتلت المجموعة عشرات الجنود عبر هجمات منسقة في سيناء. وربما نتج هذا من كون كل من الولايتين المصرية والليبية قد حظيتا برعاية من جيش الخلافة، الذي تم إنشاؤه خصيصًا للعمليات الأجنبية، بما في ذلك تدريب الفروع المحتملة.
وتتبنى المجموعات الأخرى العلامة التجارية للدولة الإسلامية، ولكنها لا تظهر أي علامة على السيطرة على الأراضي أو أي محاولة للحكم. وقد قامت المجموعة التابعة للتنظيم في الجزائر بهجوم واحد فقط، عندما قطعت رأس سائحة فرنسية، وكان ذلك قبل قبول البغدادي لبيعتها. وبدورها، أصدرت جماعة بوكو حرام، وهي الجماعة الجهادية النيجيرية، أشرطة الفيديو التي تظهر علم الدولة الإسلامية منذ انضمامها للتنظيم في مارس. واستنسخت المجموعة أساليب الدولة الإسلامية الوحشية في قطع الرؤوس وبدأت تسمي نفسها “ولاية غرب إفريقيا”، ولكن القليل تغير. ويقول ويليام ماكانتش من معهد بروكينغز: “قيادة بوكو حرام ليست عربية، ولن تكون معروفة بشكل جيد للدولة الإسلامية”.
وليست العلاقة المالية بين الدولة الإسلامية وفروعها واضحة. وربما لا يكون لدى التنظيم أموال كثيرة لنشرها مذ أن استهدف التحالف الدولي ضده مصادر تمويله، وخصوصًا النفط. وتعد حركة نقل السلاح بين المناطق غير المترابطة من الخلافة شبه مستحيلة. ويبدو أن المهاجم التونسي تدرب في ليبيا، وليس في سوريا أو العراق، بالرغم من المناطق الشاسعة الواقعة تحت سيطرة الدولة الإسلامية هناك. وحتى الاتصالات البسيطة والأساسية قد تكون صعبة بالنسبة للتنظيم.
ومع ذلك، قد يكون للدولة الإسلامية بعض التأثير على مكان انضمام الجنود للقتال، وهو ما سوف يفسر لماذا بدأت أعداد المقاتلين التونسيين الذين يسافرون إلى سوريا والعراق بالتراجع. عدد أكبر من الأجانب يتوجهون اليوم إلى ليبيا أو يبقون في بلادهم للقيام بهجمات.
وتستخدم الفروع تكتيكات متعددة. وفي الخليج، استهدف عناصر الدولة الإسلامية المساجد الشيعية. وفي أماكن مثل اليمن وأفغانستان، تحاول الدولة الإسلامية إضعاف الفروع القوية لتنظيم القاعدة. وساعدت الهجمات في أماكن أخرى، مثل مذبحة سوسة، الدولة الإسلامية في تأكيد شعارها “باقية وتتمدد”؛ وأيضًا، حرف الانتباه عن خسائر التنظيم ليس في سوريا والعراق فقط، بل وفي مناطق أخرى بعيدة كذلك. لقد طرد مقاتلو الدولة الإسلامية من درنة من قبل الجهاديين المنافسين، وهم يحاولون الآن تأكيد أنفسهم في سرت. وبعد أن اعتادت بوكو حرام على السيطرة على مساحة بحجم بلجيكا، حتى أدى هجوم مضاد في فبراير إلى طردها من كل أراضيها تقريبًا.
وقد يكون التوسع مؤشر ضعف. وقد وجد تنظيم القاعدة نفسه ضعيفًا بسبب فروع كانت تمتلك أهدافًا خاصة بها. وقد كانت الدولة الإسلامية في العراق، وهي سلف الدولة الإسلامية التي انشقت في وقت لاحق عن تنظيم القاعدة، أكثر وحشية حتى، ودمرت المحاولات لاستمالة قلوب وعقول المسلمين. ولا تبدو الدولة الإسلامية قلقة من أن يعتقد الناس بأنها متطرفة جدًا، ولكنها لا تريد أن تبدو ضعيفة. وإذا لم يكن باستطاعة المجموعات التابعة لها السيطرة على مناطقها، فإن هذه المجموعات سوف تقوض علة أو سبب وجود المجموعة. وحتى الآن، يبدو أن هذه المجموعات لا تستطيع فعل هذا.
المصدر : الإيكونوميست
ترجمة صحيفة التقرير