مقالات

غسان مفلح – داعش والحرب على الإرهاب.

منذ انطلاق الثورة السورية في 18 آذار2011 من حوران، السوريون يعيشون يومياً خيار القتل والدمار والاعتقال والتهجير والشتات. على يد الأسدية وحلفائها في المنطقة. ثم دخلت داعش قادمة من العراق إلى سورية، لتقتل بالمشاركة مع الأسد السوريين في المناطق المحررة من الأسد بواسطة الجيش السوري الحر الذي تشكل من عناصر الجيش السوري المنشقين عن الأسدية.

تشكلت داعش من بقايا تنظيم القاعدة في العراق الذي أسسه أبو مصعب الزرقاوي. بعد مقتل الزرقاوي، جرى انتخاب أبي حمزة المهاجر زعيماً للتنظيم. تم تشكيل دولة العراق الإسلامية بزعامة أبي عمر البغدادي. وفي 19 نيسان 2010 قتلت القوات الأميركية والعراقية أبا عمر البغدادي وأبا حمزة المهاجر… بعدها تسلم التنظيم ابو بكر البغدادي، يوجد للبغدادي نائبان، أبو مسلم التركماني للعراق وأبو علي الأنباري لسوريا.

أعلنت داعش بتاريخ 29 يونيو 2014 عن الخلافة الإسلامية ومبايعة أبي بكر البغدادي خليفة المسلمين، وقال الناطق الرسمي باسم الدولة أبو محمد العدناني أنه تم إلغاء اسمي العراق والشام من مسمى الدولة، وأن مقاتليها أزالوا الحدود التي وصفها بالصنم، وأن الاسم الحالي سيُلغى ليحل بدلاً منه اسم الدولة الإسلامية فقط. قادة التنظيم غالباً ما يأتون من الخارج وسبق أن قاتلوا في العراق والشيشان وأفغانستان وعلى جبهات اخرى. وفي العراق معظم مقاتلي “داعش” هم عراقيون وتوانسة.

ووفق الخبير في الشؤون الإسلامية رومان كاييه من “المعهد الفرنسي للشرق الاوسط”، فإن عدداً من قادة التنظيم العسكريين عراقيون أو ليبيون إضافة إلى موجة كبيرة من التوانسة الذين تعرفهم المخابرات التونسية بالاسم!!. أطلق الثوار السوريون اسم داعش على هذا التنظيم نتيجة إجرامه بحق الشعب السوري. كما أطلقوا اسم حالش على جماعة إيران وحزب الله الوجه الآخر لداعش في قتل السوريين وتدمير بلدهم جنباً إلى جنب مع الأسد وجيشه، الذي تم تسميته بعافش اختصاراً، أيضا لأنه يقوم بنهب بيوت السوريين أي ما يسمى “تعفيش”.

صار لدى الشعب السوري من أجل نيل حريته، ثلاثة أعداء عافش وداعش وحالش. وكلها مدعومة من إيران. ربما تكون إيران على خصومة مع داعش في العراق وفي بعض المناطق لكن هي حليفتها في سورية. السبب الذي لا يريد كثر من الساسة الاقتناع به، أن داعش ليس لها ظهير استراتيجي لتستمر إلا إيران والأسد. السبب أن عينها في النهاية على العراق، وقادتها جلهم عراقيون ومن بقايا بعث صدام أيضا، فسورية وإيران هما المعبران الوحيدان لهؤلاء القادة.

بالطبع كلنا يذكر عام 2009 عندما حاولت الحكومة العراقية آنذاك تقديم أدلتها للأمم المتحدة ومجلس الأمن، على دعم بشار الأسد لتنظيم القاعدة في العراق وإرساله المقاتلين القادمين من شمال إفريقيا إلى هناك، خاصة من تونس. من المعلوم أيضاً أن كثراً من قادة القاعدة كانوا يعيشيون في إيران، والأنباء أيضاً تشير إلى أن قسماً منهم لايزال يعيش هناك. داعش قتلت من السوريين العرب والكرد السوريين الذين ضد الأسد أكثر بكثير مما قتلت من جنود الأسد.

كما أن داعش لاتزال تحاصر دير الزور مع الأسد كل من جهته، بطريقة شبه تحالفية ضد المدينة التي خرجت منها تظاهرة سلمية عام 2011 تطالب بالحرية من نظام الأسد، بأكثر من نصف مليون متظاهر. الحرية في سورية لها ثلاثة أعداء يتقاطعون إنهم من عقلية استبدادية إرهابية مجرمة؛ الأسدية وداعش وحالش. اختارت الولايات المتحدة الحرب على الإرهاب ضد داعش وشكلت حلفاً دولياً من أجل ذلك، علماً أن الطيران لا يمكنه القضاء على داعش.

حاولت إدارة أوباما تشكيل قوة من المعارضة السورية لأجل قتال داعش. فلم يلتحق بها سوى 60 شخصاً. لأن السوريين يدركون جيداً أن الأسد هو سبب ما حل ببلادهم من خراب وأن داعش فقاعة إجرامية، تنتهي ويمكن القضاء عليها إذا تم للشعب السوري نيل حريته من الأسدية، وبناء دولة القانون والحريات والحقوق. حيث اشترطت هذه الإدارة على هؤلاء عدم مقاتلة الأسدية وقتال داعش فقط!! مما أدى إلى انسحاب أكثر من 1400 متطوع في برنامج التدريب الأمريكي، بقي منهم 60 فقط. إذا أرادت الإدارة الأمريكية القضاء على داعش يجب أن تساعد في بناء قوة سورية لمقاتلة داعش والأسد معاً، سترى عشرات الألوف من السوريين يلتحقون بها.

أما أن تكتفي بمقاتلة داعش والتي سبب وجودها في سورية إيران والأسد والموقف الدولي الذي تخلى عن شعبنا. فهذا لا يقبله السوريون وبراميل الأسد تحصد عشرات الضحايا الأبرياء، في المدن والقرى السورية من أطفال ونساء سورية يومياً. الحرب على الإرهاب تستوجب منا ضرب أسبابه، التي هي في: هذه النظم الإرهابية في سورية والعراق وإيران وغيرها من دول المنطقة. إعطاء الشعوب حريتها السياسية هي الخطوة الأولى للقضاء على الإرهاب سواء أكان القاعدة أم داعش أم حالش أم عافش.

المصدر : هافينغتون بوست عربي 

زر الذهاب إلى الأعلى