مقالات

القدس العربي – روسيا تفشل في إقناع السعودية بالأجندة الإيرانية

تُقرأ حركة الدبلوماسية السعودية نحو روسيا كتعبير عن دور المملكة الوازن في الشؤون العربية، والذي أعطت عملية «عاصفة الحزم» في اليمن رصيداً إضافياً له. كما تحمل تطلّعاً لإمكان تغيير في الموقف الروسي من سوريا، وذلك بعد الإيجابية التي أظهرتها موسكو في الموضوع اليمني، وتمثلت في عدم استخدامها حق النقض مما أدى لصدور قرار مجلس الأمن رقم 2216 حول اليمن، وتضمن عقوبات تحت الفصل السابع على الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح وتجريد الميليشيات من السلاح وإخراجهم من المدن.

القرار الذي اعتمد في نيسان / ابريل من هذا العام أخرج إيران، على مستوى الشرعية الدولية، من الشأن اليمني، وأفشل محاولاتها المتعددة للتدخل بحريا أو جويّا لإمداد الحوثيين، وهو ما أدى في النهاية إلى التقدم الكبير الذي نراه لقوى الشرعية اليمنية. بل إن موقف موسكو ذاك ساهم في تسريع الاتفاق النووي بعد سحب الورقة اليمنية من طهران وأضعف قدرتها على القول إنها بلد امبراطوري يسيطر على أربع عواصم عربية، وهو أمر ما انفك كبار المسؤولين الإيرانيين يرددونه.

أما الدبلوماسية الروسية فتحاول، من جهتها، الاستفادة من تجربتها مع الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن (+ ألمانيا) في إنجاز الاتفاق النووي الإيراني، وتوظيف علاقاتها الوثيقة مع النظامين الإيراني والسوري لفتح مسار جديد في المسألة السورية. وكان أول إنجازات هذه الدبلوماسية اعتماد مجلس الأمن مؤخرا قرارا بالإجماع للتحقيق في استخدام السلاح الكيميائي في سوريا.

لكن خلاصة لقاء وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، التي قال فيها الجبير إن لا مكان للأسد في مستقبل سوريا تعني إن آمال موسكو بإقناع المملكة بتعويم الرئيس السوري قد وصلت إلى خاتمتها المنطقية.

تقوم فكرة موسكو التي أطلقتها خلال زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم الأخيرة لها على قيام تحالف دولي جديد واسع تشارك فيه أمريكا وروسيا والسعودية وإيران وتركيا وقطر… يدا بيد مع النظام السوري لمكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية»، وهو أمر وصف المعلم حصوله بـ»المعجزة».

روسيا، مع ذلك، نجحت في إنجاز «معجزة صغيرة» بإقناعها الرياض باستقبال اللواء علي مملوك، رئيس مكتب الأمن القومي ومستشار الرئيس الأسد. ولأهمية هذا الاختراق للموقف السعودي فقد سارع النظام السوري إلى تسريب الخبر كدليل على إمكانية تطبيع علاقاته مع الرياض، وسعياً لشق حلف خصومه المكين ضدّه.

استمرار عمل القناة الدبلوماسية السعودية الروسية رغم الانزعاج الواضح الذي أبدته الرياض من تسريب خبر لقاء مملوك بالأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي، دليل على أن الطرفين يجدان بعض المواقف المشتركة رغم الخلاف على الأسد، وهو الموقف من تنسيق الجهود ضد تنظيم «الدولة الإسلامية».

في استثمارها للخوف الدولي والعربي الناتج عن توسع «الدولة الإسلامية» تتجاهل موسكو، عامدة، حقيقة أن نشوء وتوسع التنظيم المذكور هو نتيجة قضايا معقدة، بدأت باحتلال أمريكا للعراق، وأدت، في النهاية، الى سيطرة إيران على مقدراته، كما يقع استمرار وجود النظام السوري، رغم جرائمه التي لا حد لها ضد شعبه، في صلبها. وقد شارك الدعم الذي تلقّاه الأسد من إيران وروسيا، وساهم في حماية آلته لقتل المدنيين السوريين، في خلق الظروف المناسبة لانتشار التطرّف ووسع، بشكل هائل، حاضنته الاجتماعية.

«معجزة» روسيا المفترضة غير قابلة للتحقيق لأنها ببساطة غير قادرة على إقناع السعودية وباقي الأطراف الإقليميين بتنفيذ أجندة إيران والنظام السوري وهي الأجندة التي ساهمت في تهشيم النسيج الأهلي في العراق وسوريا، وأدّت إلى وصول الخطر الإيراني إلى عنق السعودية.

المصدر : القدس العربي 

زر الذهاب إلى الأعلى