العنوان أعلاه ليس إعلانا لبيع سلعة، وإنما محاولة لتقديم رؤية جادة لتداعيات التدخل الروسي العسكري في سوريا، والمعني بها هو دول المنطقة التي عليها تسويق مثل هذه الأفكار، وغيرها، للمجتمع الدولي.
كتبنا هنا قبل أيام أن سوريا هي مفتاح روسيا الدولي، وجل ما نشر مؤخرًا بالإعلام الغربي يؤكد ذلك، حيث يحاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استغلال الأزمة السورية للحصول على تأثير دولي، ونفوذ بالمنطقة، لم تحصل عليه روسيا منذ طرد الزعيم أنور السادات، رحمه الله، الروس من مصر! وبالتالي، فإن بوتين يرى في سوريا فرصة لبسط نفوذه، وتخفيف الضغط في أوكرانيا، وكذلك إجبار الإيرانيين على التقارب معه بعد الاتفاق النووي الإيراني الأميركي الغربي. هذا ما فعله بوتين الذي خدع الرئيس أوباما جيدًا، خصوصًا عندما خرج الرئيس الأميركي قبل فترة ليست بالبعيدة معلنًا أنه تلقى اتصالاً مشجعًا من بوتين تجاه الأزمة السورية، وكانت خطة بوتين «الخدعة» هي مبادرة لمكافحة الإرهاب في سوريا والعراق ضد «داعش».
حسنًا، الروس الآن في سوريا عسكريًا، والمعلن مؤخرًا هو أنهم ينوون بناء قاعدة عسكرية باللاذقية، و«خدعة» بوتين لمحاربة الإرهاب انكشفت، فما الحل؟ الاستسلام لـ«خدعة» بوتين والقبول بالتحالف مع الأسد؟ طبعًا لا! هل الحل الانكفاء، والاكتفاء بالمشاهدة، والإدانة؟ طبعًا لا! ما الحل إذن؟ نحن أمام لعبة شطرنج حقيقية، ومكلفة، لا تقوم على مقامرة، بل على دم، وتتطلب تفكيرًا خارج الصندوق، ومن قبل دول المنطقة تحديدًا، التي عليها أن تلعب وفقًا لقواعد اللعبة المتغيرة! كيف؟ الإجابة كالتالي، إذا أراد بوتين مكافحة الإرهاب فليتفضل، لكن على العرب المعتدلين، والقادرين، إقناع واشنطن، والغرب، بضرورة تبني مناطق حظر جوي بالداخل السوري، وعلى الحدود التركية، وغيرها. ومن فوائد ذلك الحد من أزمة اللاجئين السوريين، وإيجاد مناطق حماية، وتدريب، للمعارضة المعتدلة.
وعلى العرب، وأعني المعتدلين، عقد اجتماع فوري، جاد وحقيقي، لإقناع حلفائهم بالمنطقة، وتحديدًا تركيا وقطر، بضرورة التوقف عن دعم الجماعات الإسلامية المشكوك فيها، ولا بد من الحديث صراحة للإعلام ولوم كل من يدعم المتطرفين بسوريا، أو يتسبب في شق المعارضة السورية، وبعد ذلك السعي جديًا لإقناع الغرب، وعلى رأسه أميركا، بضرورة دعم المعارضة المعتدلة بالسلاح النوعي، خصوصًا أن أوباما قد تعهد بوضع حد للعدوان الإيراني بالمنطقة، ويجب أن تكون سوريا هي المحك.
ولا بد من إقناع الأميركيين للضغط على الحكومة العراقية من أجل تسليح السنة فعليًا لمواجهة «داعش»، وضرورة إقرار الحرس الوطني هناك. بعدها لا مانع من أن يحارب بوتين الإرهاب في سوريا، لكنه لن يتمكن من إنقاذ الأسد، أو اختطاف سوريا، وحينها يتم قطع الطريق على محاولة جر المنطقة لحرب قاتلة كالتي حدثت في أفغانستان.
صحيح أن بوتين خدع الجميع، والحرب خدعة، لكن لا بد من تفكير جاد خارج الصندوق.
المصدر : الشرق الأوسط