ربما من الصعب علينا أن نعد الدول التي تدخلت في سوريا منذ بدء الثورة السورية وحتى اليوم ، والأصعب إحصاء عدد الجنسيات التي دخلت إلى سوريا عسكرياً وإغاثياً وإعلامياً واستخباراتياً .
موقف روسيا معروف منذ أول يوم أنّها معادية للثورة السورية ، وكانت تدعم النظام في قمعه للشعب المنادِ بالحرية والكرامة ثم حربه العسكرية عليه ، ناهيك عن الدعم اللوجستي والسياسي الذي لم يتوقف لحظة.
دُعم النظام من كل المجتمع الدولي على مدار خمس سنوات بكل الأشكال صراحةً وصمتاً ، وفتت سورية بتشارك إيران والنظام من تحويل القضية السورية من محلية إلى عالمية ، أو بالأصح تحويل سوريا إلى أرض صراع الدول الكبرى والإقليمية الحالمة أن تكبر على حساب دماء الشعب السوري .
تدخل روسيا المعركة بطائراتها ، للعجز الذي تسببته طائرات الأسد والمليشيات الشيعية على الأرض والتي لم تُحدث أي تقدم يُذكر في الأشهر الماضية رغم الكم الهائل من الدم الذي تسكبه في أسواق المدنيين وبيوتهم المدمرة ، في حين أنّ موازين اللعبة كلها تنحرف للفصائل السورية الثائرة من ادلب شمالاً حتى الغوطتين ودرعا جنوباً .
الطيران الروسي لا يختلف عن الطيران الأسدي سوى أنّه أذكى في المعركة فهو يضرب على خريطة دقيقة جداً على عكس الطيران القديم و الغبي الذي يقصف المدنيين ولا يحقق أي تقدم عسكري إلا التهجير السكاني المدروس إيرانياً ربما .
تدخل روسيا لتتقاسم مع إيران الكعكة بشكل جدي وإيران لا تمانع فالحرب السورية أنهكتها والتوابيت الصفراء أو السوداء التي تخرج إلى قم أو كربلاء أو الضاحية ليست قليلة ولكنها لا تحرز المطلوب .
افتتحت روسيا قاعدة عسكرية جديدة في اللاذقية ، إضافة للموجودة في طرطوس ، وتبث عبر التلفزيون الرسمي الروسي من اللاذقية أنّ الجنود الروس في أماكن مميزة ومكيفة بهواء ساخن وهناك خبز روسي وحساء معد لهم ، ناهيك عن الساونا و الروسيات اللواتي سيقدمن كل ميزات الراحة للقادمين ؛ داعين الشباب الروسي للالتحاق بصفوف أصدقائهم في الحرب المقدسة أرثوذكسياً . من جانبه يعرض تلفزيون النظام أغنية كاتيوشا المشهورة كعادته في تهيئة الأجواء لأغنامه المؤيدين .
السؤال ماذا يفعل الروس في سوريا إذا كانت إيران تستطيع تحقيق مصالحهم ؟
داعش هي الشماعة الغبية في عالم السياسة والتي لم يعد يصدقها أيّ أحد ، تقصف روسيا مواقع الجيش الحر وتقول أنها تقصف داعش ، وقصفت المجموعات التي دربتها أمريكا والذي يبلغ عددهم قرابة الخمسين شخص ، يقول جون ماكين أنّ روسيا لم تقصف داعش ، يرد بوتين أننا ننسق في كل ضرباتنا مع البنتاغون ، ربما اللعبة واضحة ومعلنة . أصبح حريٌ بالسوريين أن ينتقلوا من نظرية المؤامرة الخفية إلى تطبيق الحرب القذرة .
إيران بحسب التسريبات تتجهز بعشرات الآلاف من المقاتلين الشيعة اللبنانيين والعراقيين والإيرانيين والأفغان والآذريين والباكستانيين وغيرهم لدخول المعركة في شمال سورية ومرتفعات القلمون بإسناد جوي روسي .
ربما أصبحت الصورة أكثر وضوحاً ودقة أنّ أحلام بوتين وصلت إلى ستالين ولينين والتقت مع أحلام الخامنئي المتصلة مع الخميني وكسرى بتقاسم المصالح على أرض خصبة حتى السوريين لا يعرفون ما فيها سوى أنها جارة مدللة الكرة وباقي المجرات اسرائيل .
ينسق نتنياهو مع بوتين ويتفقوا على سلسلة أهداف عسكرية على الطائرات الروسية أن تضربها وتطوى كل أشكال المقاومة والممانعة لدى السيد حسن ورفاقه الشيوعيشيعيين .
ترسل وحدات الشعب الكردية بطلب رسمي إلى موسكو لإشراكها في العلميات العسكرية في سورية لتأمين حصتها الحقيقية من وجود الروس بتأمين الدولة الكردية بمجرد حصول الكانتون العلوي على الساحل السوري بقرب القاعدة الروسية .
أردوغان يخفض من صوته السياسي بحيث أنّه سيراجع الروس بالحملة العسكرية ، ربما الأتراك قد ينضموا للصامتين سياسياً كما كانت عسكرياً على مدار الحرب ، وقد تقبل الجمهورية التركية بدويلة كردية في شمال سورية بدعم دولي وروسي عسكري .
يرفع عادل الجبير من سقف تصريحاته من نيويورك بتخيير الأسد بين الرحيل أو العمل العسكري ، ويزيد تعنت الإيرانيين أنفسهم بتهديد خامنئي للسعودية بعمل عسكري على إثر حادثة تدافع الحجاج ، ربما استطاع الروس أن يعيدوا ضبط أوراق العالم كله بمجرد دخول العالم كشريك لروسيا في قتل السوريين وليس العكس .
كل المعطيات تدلل أنّ الأمر خطير ولا يستهان به ، فالروس الذي أصبح لديهم قاعدتان واتفاقيات التنقيب عن الغاز في المتوسط وشراء السلاح وحماية اسرائيل لم تدخل سوريا فقط للدفاع عن الأسد وإنهاء الثورة ، ربما قد يقسم لافروف و كيري الآن ما غفل عنه سايكس وبيكو في القرن الماضي .
وعلى الفصائل السورية أن تعلم يقيناً أن تفرقها وتشتتها وعصبيتها وارتهانها ستكون سبباً آخر يضاف لمآسي السوريين.
خاص لـ وطن إف أم