مقالات

نزيه الأحدب – هل تتصوف “داعش”؟

مع أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” ذو نزعة سلفية، لكنه ربما تتسلل إلى أدبياته بعض النفحات الصوفية من فضاء كرامات الأولياء المقدَّمين، ليعتبر أن جنوده من أهل الخطوة الذين يطوون الأراضين بلمح البصر، ومن أهل الكشف الذين تخترق أبصارهم الحُجُب والبِطاح، ومن أهل السَحَاب الذين يسبحون تحت السماء الأولى، ومن أهل المنع الذين يتترسون بالوميض، ومن أهل الأمان الذين تستحيل النار بردا وسلاما على جلودهم.

لماذا لا يعتقدون بذلك وهم هدف معلن لكل جيوش الأرض من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي، ومن الحمار الأمريكي (رمز الحزب الديمقراطي الحاكم) إلى الدب الروسي، ومن نظام الفوضى السوري إلى فوضى الأنظمة العربية، كلهم وبضربة رجل واحد أعدوا العدة وعقدوا النية على اجتثاث “داعش”، فإذا هي تتقول لهم إنها “باقية وتتمدد” وتوزع الأثواب البرتقالية على من يعلق في شباكها من رعاياهم قبل تقشيرهم أو عصرهم.

عام ونيف على إعلان واشنطن بدء حرب عالمية جديدة ليس بين نصف الأرض ونصفها الآخر، بل بين كل دول العالم من جهة ومجموعات من المعتقلين السابقين في السجون العراقية والسورية ومن بايعهم على السمع والطاعة من شبان في مقتبل أعمارهم ولدوا في حرب العراق الأولى أو الثانية وفي ملحمة الأسد القديمة أو الجديدة. 

وخصصت أمريكا لهذه “العالمية الجديدة” مئات الطائرات الحربية والصواريخ الموجهة بواسطة الأقمار الصناعية ومنظومة عالية الدقة من تكنولوجيا الكشف والتنصت، ورصدت من موازنتها الدفاعية 3.5 مليار دولار، ونشرت المئات من خبرائها والضباط والجنود في دول مجاورة، ولرفع معنوياتهم تطوع قادة البنتاغون في بداية الحرب للتصريح إلى وسائل الإعلام بأن الحرب على “داعش” قد تستلزم ثلاثين سنة، وهذا مخالف للتقاليد العسكرية التي تتوعد العدو بسحقه في ساعات، وآخر الواصلين إلى البستان جيش روسيا فوق ترسانة تضاف إلى المعرض الدولي للتسلح في سماء الغوطة ودوما والزبداني وأرياف المحافظات السورية.

الحرب العالمية الأولى حُسمت بأربع سنوات وأربعة أشهر، والحرب العالمية الثانية استلزمت ست سنوات لإعادة تدوير خارطة العالم بعد تمزيقها، أما “داعش” فهي ليست بهذه السهولة، هي ليست ببساطة قوات الحلفاء أو دول المحور، إنها “دااااااعش” التي لا تلتقطها الأقمار الصناعية، ولا تبصرها الطائرات العمياء، ولا تنال منها الصواريخ القارية. 

كلما زاد عدد دول تحالف القضاء عليها كلما اتسعت رقعة انتشارها في العراق والشام ومصر وليبيا وقريبا قريبا في ظهورات جديدة أين منها ظهورات الشيخ الجيلاني.

لماذا لا يعتقد مقاتلو “الدولة الإسلامية في العراق والشام” أنهم أصحاب كرامات خارقة للعادة وهم وحّدوا المتخاصمين على عدائهم واستجلبوا جيوشهم إلى مستنقع العقود القادمة. هو جورج بوش بـ”شقفة” حرب في العراق وبالتعاون بين بلاده وبريطانيا وبالتنسيق مع كل دول الجوار ونصف الشعب العراقي ادعى أن الله كلمه وكلفه بحرب صليبية ضد صدام حسين. 

فماذا سيقول أبو بكر البغدادي وهو يقاتل منفردا الجيل الجديد من جيوش الديجيتال الكونية؟!!

المصدر : عربي 21 

 

زر الذهاب إلى الأعلى