مقالات

هدى الحسيني – حماية الروس للأسد لا تلغي خطر “داعش”!

عام 2010 قال الأميركيون: «لا بديل عن نوري المالكي» بعد انتخابات خسرها، فصار العراق على ما هو عليه الآن مجزأ، محروقًا، فقيرًا يريد أهله الهجرة منه. 

الآن تأتي روسيا وتقول بعد نحو 5 سنوات: «لا بديل عن الأسد حتى الآن»، مما يعني عودة عبارة «الأسد أو نحرق البلد»، حتى لو كان بقاؤه مرهونًا بحسابات روسية لن يدخل في معادلاتها لاحقًا.

استراتيجيًا إيران تريد سوريا متعاطفة كجسر بري يصلها بحزب الله في لبنان. ما لا تريد إيران التخلي عنه في العراق هو المناطق الشيعية وبغداد، أما المساحات الباقية فليتفق عليها الآخرون. هذا ما تريده أيضًا في سوريا.

المشكلة أن اللعبة الروسية، رغم كل فظاظتها، تبقى براغماتية، إذ لا شيء يمنع موسكو من التقارب والتحالف مع أعداء إيران في المنطقة إذا كان هذا سينمي نفوذها على المسرح الدولي.

طموح إيران أن تصل إلى الجنوب السوري أيضًا، لكن موسكو تعهدت لإسرائيل بأن هذا لن يحصل.
ديموغرافيا سوريا تلعب ضد إيران، إذ سيصعب، ومهما كان الثمن، إبقاء أكثرية سنية تحت حكم أقلية شيعية.

تنص العقيدة الروسية الآن على تغلغل في مياه البحر المتوسط الدافئة، وموطئ قدم في الشرق الأوسط، وهذا ما تفكر فيه إيران أيضًا.

إضافة إلى رغبة بوتين في استعادة موطئ قدم في المنطقة وتحصين الأسد لفترة محدودة حتى «تاريخ انتهاء مدة صلاحيته»، هناك قلق استراتيجي روسي حقيقي، وهو وقف انتشار «المتطرفين الإسلاميين» كي لا يعودوا إلى شن عمليات إرهابية داخل روسيا أو ضد مصالحها في آسيا الوسطى وشمال القوقاز.

يأمل النظام السوري من التدخل الروسي أن يعزز سيطرة دمشق على المحور الذي يمتد من العاصمة إلى المدن المتنازع عليها، حمص وحماه، والمعاقل الساحلية، طرطوس واللاذقية،

يأمل كذلك أن تسهم الغارات الروسية في القضاء على جميع المتمردين المسلحين، وإعادة احتلال العاصمة الاقتصادية حلب.

بالنسبة للنظام ومؤيديه في معقل العلويين فإن إبعاد المتمردين عن الساحل السوري يشكل أولوية عن القضاء على وجود «داعش» في مناطق بعيدة مثل دير الزور.

رغم تأييد أوروبا الضمني للعمليات الروسية، ودعوات عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي لذلك ، فإن حماية نظام الأسد، ولو مؤقتًا، لا تلغي خطر «داعش»، إذ لا يمكن، كما تفكر الإدارة الأميركية، تطويقه وتركه يتعفن.

إن عدم محاربته (الأسد) سيؤدي لانتشار الإرهاب بجميع أنحاء العالم، ولن يكون بالإمكان التحكم فيه في كل مكان.

المصدر : الشرق الأوسط 

 

زر الذهاب إلى الأعلى