مقالات

محمد زاهد جول – هل حزب الشعوب الديمقراطي متورطٌ بتفجيرات أنقرة وسروج الإرهابية ؟

جاءت تصريحات رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان بتاريخ 22/10/2015: “بأن تفجيرات أنقرة الأخيرة أشرف على تنفيذها العديد من المنظمات الإرهابية”، وذلك خلال كلمته في حفل الجمعية العامة الثالثة عشر لنقابة حقوق العمال في أنقرة، جاءت هذه التصريحات متوقعة من الشعب التركي الذي لم يتوقف عن التساؤل منذ وقوع تلك التفجيرات المؤلمة، لمعرفة المنفذين لها أولاً، ولمعرفة المخططين لها ثانياً، ولمعرفة الأسباب والمستفيدين منها ثالثاً، وعن أثرها على مستقبل الانتخابات البرلمانية القادمة رابعاً، وعن أثرها على عملية السلام المتجمدة مع حزب العمال الكردستاني خامساً، الذي خيّب ظُنُون الشعب التركي والكردي بكافة توجهاته السياسية والفكرية والعرقية والحزبية بعد عودته إلى العمليات الارهابية التي تخلى عنها لسنتين فقط.

 
هذه الأسئلة تفرضها ضخامة التفجيرات التي أودت بحياة مائة من الشعب التركي وضعفهم من الجرحى، وأضعافهم من المتألمين من الأهالي والأقارب والأصدقاء، وبالأخص بسبب قربها الزمني من العمليات الارهابية التي يتبناها حزب العمال الكردستاني منذ بضعة أشهر، وكلها تؤلم الشعب التركي وهو يشيع أبناءه من الجنود والمدنيين والأرباء، فهذه التفجيرات هزّت الضمير الشعبي التركي أكثر مما هزت العاصمة التركية أنقرة نفسها، وبالنظر إلى أن هذه التفجيرات من أكبر وأخطر التفجيرات التي تقع في تركيا في تاريخها الحديث، فإن أصابع الاتهام لا بد أن تتوجه إلى جهات كبيرة وعديدة، فالتفجيرات التي وقعت في أنقرة لا يمكن أن تتم دون تعاون أجهزة استخباراته وتنظيمات إرهابية ذات خبرة واسعة في الأعمال الارهابية وطُرُق تنفيذها.
 
وكما تم أخذ التوقيت الزمني بعين الاعتبار فكذلك لا بد من أخذ اختيار المكان الذي وقعت فيه التفجيرات بعين الاعتبار أيضاً، فالمنطقة التي وقع فيها تفجيري أنقرة قابلة لأن يتواجد فيها العديد من العناصر الارهابية من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” أولاً، وعناصر من حزب العمال الكردستاني (PKK)، وعناصر من حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري (PYD)، بحكم أن المنطقة قريبة من محطة القطارات في أنقرة، وتشهد تجمعات شعبية احتفالية، فلا يسهل على أجهزة الأمن التركية التدخل في حرية الحركة والاجراءات الاحتفالية، والمخططون تحسبوا لكل ذلك واستغلوه، فسهل عليهم الاختراق الأمني، وقد خططوا جميعا لتنفيذ التفجيرات الأخيرة مستفيدين من كل تلك العوامل.
 
إن الحقائق سوف تكشفها التحقيقات القضائية والجنائية، ولكن أمام الشعب التركي الكثير من التساؤلات مع كل معلومة تطرحها وسائل الإعلام، أو ما يصدر من معلومات حول التحقيقات الجارية، أو ما تتناقله التسريبات الصحفية وغيرها، وكان آخر تلك المعلومات ما أفاد به رئيس بلدية انقرة “مليح غوكجك” من معلومات خطيرة للغاية ذكرها على قناة “A خبر التركية” يوم السبت 24/10/2015، حيث قال: “إن الانتحاري الذي فجر نفسه في سروج هو من اديامان، وانه كردي كان قد تدرب عند تنظيم الدولة “داعش” وفجر نفسه باسم داعش”، وتابع قوله إنه وبعد التفجير وتحديداً: “وبعد 13 ساعة من التفجير سلم رئيس فرع حزب الشعوب الكردي هوية الانتحاري الى البوليس زاعماً انه توصل الى معرفة الانتحاري”.
ولا شك أن هذا التصرف على أهميته لمعرفة منفذ هجوم سروج، ولكنه يثير أسئلة كثيرة على رئيس فرع حزب الشعوب الديمقراطي الذي قام مشكورا بهذه المساعدة، فكيف تمكن رئيس فرع حزب الشعوب الديمقراطي من معرفة هوية ذلك الارهابي خلال ساعات؟ وكيف تحصل على الهوية الشخصية لذلك الارهابي الداعشي؟ كيف وصلت إليه الهوية، هل كان شخصياً قريباً من ذلك التفجير في سروج؟ ام ان هناك جهات اعطته هذه الهوية ليعطيها الى الشرطة؟، ولماذا تم اختياره هو ليقوم به المهمة؟ هذه أسئلة ينبغي الإجابة عليها.
 
ولم تتوقف الأسئلة المريبة والمثيرة عند هذا الحد، فقد كانت الهوية محروقة من أطرافها، بطريقة تؤكد أنه حرقت بالولاعة وبإتقان، وبدون أن تصل النار إلى أي معلومة من معلومات الهوية، لا إلى رقمها ولا اسم صاحبها، ولا توجد قطرة دماء واحدة على الهوية، تشير إلى إصابة صاحبها بجروح أو كسور أو غيرها، وهذا أثار شكوكاً على أن تقديم الهوية ليس بريئاً، وأن مقدم الهوية إلى رئيس فرع حزب الشعوب الديمقراطي أراد أن يوصل رسالة إلى الشرطة التركية، واختار بذكائه أن تكون الرسالة عبر رئيس فرع لحزب الشعوب الديمقراطي، ولكنه وقع في أخطاء عديدة منها طريقة حرق الهوية لتظهر وكأنها حقيقية وكانت في ساحة الانفجار، علما بأن ساحة الانفجار كانت تحت سيطرة مفتشي البوليس بالكامل فور لحظة وقوع الحادث، وما كان لأحد أن يأخذ الهوية الشخصية لمنفذ التفجير بعد ساعات من مقتله، وقد أثبتت التحقيقات وفحوصات الطب الشرعي أن الهوية فعلاً هي لمنفذ تفجير سروج.
 
هذه المقابلة التلفزيونية مع رئيس بلدية أنقرة “مليح غوكجك” على قناة برنامج على قناة” A خبر التركية”، وما تضمنته من معلومات حساسة ومثيرة وخطيرة لا يمكن المرور عليها قبل تفحصها عقلياً وسياسياً، وترك الشأن الجنائي للتحقيقات الرسمية.
 
فكيف وصلت الهوية إلى حزب الشعوب الديمقراطي، ولم تصل الى البوليس قبله؟
وكيف فجر الانتحاري نفسه وهو يحمل الهوية؟
وكيف احترقت أطراف الهوية فقط ولم يحترق حرف واحد منها؟
وكيف لم يلتوي ولم يتمزق اي جزء من الهوية؟
وكيف تمزق الانتحاري ولا توجد قطرة دم واحدة على الهوية؟
وكيف وصلت الهوية الى رئيس فرع حزب الشعوب الديمقراطي، ولماذا؟
ولماذا قام رئيس فرع الحزب بتسليمها الى الشرطة؟
وكيف عرف رئيس الحزب أن الانتحاري هو هذا الشخص علما أنه يوجد قتلى آخرين وآخرون من القتلى قد ماتوا حرقاً أيضاً؟
 
لا شك أن المعلومات التي تكونت خلال ساعات لدى رئيس فرع حزب الشعوب الديمقراطي كان دقيقة وفعالة، وقد وثقها فحص الحامض النووي لمنفذ التفجير، الذي طابق هوية ذلك الانتحاري صاحب الهوية المحرقة، والغريب في الأمر أن التحقيقات الأولية تفيد بأن الشخص الذي قام بتفجير أنقرة هو شقيق هذا الانتحاري الذي قام بتفجير سوروج، وانه كردي، وليس بمستبعد أن يكون قد تم تدريبه لدى داعش لتنفيذ هذه المهمة الارهابية أيضاً، ولكن كمنفذ تقف وراءه تنظيمات حزبية إرهابية وأجهزة استخبارات لدول مجاورة لتركيا تسعى لزعزعة الاستقرار في تركيا قبل الانتخابات البرلمانية وبعدها، ولكن تخطيطها على دقته لا يخلو من أخطاء تكشف هويتهم، وتفضح مخططاتهم، التي تسعى لإدخال تركيا في الفوضى والنزاعات القومية والعرقية حتى تكون منشغلة بنفسها وبعيدة عن مخططاتهم في تقسيم المنطقة وإضعافها والهيمنة عليها.
 
خاص لـ وطن إف أم 

زر الذهاب إلى الأعلى