تستضيف الرياض اليوم مؤتمرين في غاية الأهمية، قمة مجلس التعاون الخليجي في دورتها السادسة والثلاثين، التي تعقد على مفترقات دقيقة وفي ظروف استثنائية جداً، ومؤتمر المعارضة السورية الذي يفترض ان يشكل منعطفاً مهماً في مسار الأزمة المتفاقمة وما يمكن ان يؤول اليه بيان “فيينا -٢” وعملية الانتقال السياسي.
ان تستضيف الرياض مؤتمرين بهذه الأهمية فليس غريباً، اولاً لأن للسعودية منذ البعيد دور المرجعية الخليحية، وثانياً لأن لها دور مرجعية عربية صلبة ومتينة عملت دائماً وتعمل الآن على ارساء الاستقرار والأمن ونحن على مفترقات عربية حاسمة قياساً بما يجري في سوريا والعراق واليمن وليبيا. ثالثاً لأن لها دور المرجعية في مواجهة التنظيمات الارهابية التي تحاول ان تخطف الاسلام وتشوّه صورته، ورابعاً لأن لها الدور المحوري في مواجهة التدخلات الايرانية في المنطقة، وليس خافياً ان “عاصفة الحزم” التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان كانت بداية مرحلة تنهي هذه العربدة، فها هي مثلاً الحكومة الشرعية في اليمن تستعد لطلب الانضمام الى مجلس التعاون الخليجي.
لم يسبق لأي قمة خليجية ان واجهت هذا العدد من التحديات، واذا كان من الواضح ان دول مجلس التعاون تشكل المساحة السياسية والأمنية الأكثر استقراراً في زمن التفكك العربي، فإن الملك سلمان يوجه لأمرين مهمّين: ترسيخ الاستقرار وتمتين الأمن داخل البيت الخليجي، والعمل لدعم المساعي والحلول التي من شأنها اعادة ترتيب الأوضاع في بعض أنحاء البيت العربي.
في هذا السياق مثلاً تأتي المساعي السعودية لتشكيل معارضة سورية موحدة شاملة ومتماسكة، من خلال المؤتمر الذي تستضيفه الرياض ويجمع كل أطياف المعارضات من الخارج والداخل وعلى المستويين السياسي والعسكري، وليس خافياً هنا ان ايران التي حاولت ان تفخخ مؤتمر فيينا الأخير تسعى جاهدة الى ابقاء الانقسامات بين المعارضين السوريين، بما يساعد النظام على الاستمرار في الزعم ان ليست هناك من معارضة وانما مجموعات من الارهابيين.
أمام القمة الخليجية جدول أعمال مزدحم دقيق: مواجهة الارهاب بعد اتّساع نطاق الجرائم التي يرتكبها “داعش”، والتي بعدما وصلت الى الغرب، ظهرت حملة اعلامية مغرضة على السعودية في بعض الصحف الغربية تقف وراءها ايران واسرائيل في محاولة لتحميلها المسؤولية، على رغم انها كانت المستهدف الأول من الارهابيين والأكثر نجاحاً في مواجهتهم والقضاء على “القاعدة” كما اعترف باراك اوباما تكراراً!
أسئلة ساخنة من الرياض: كيف نواجه “داعش” والارهابيين وكيف ندحض حملة الافتراء على الاسلام والمسلمين بما يخدم “داعش” في النهاية؟ ماذا عن تداعيات الاتفاق النووي مع ايران؟ ماذا عن اليمن والعراق وسوريا وليبيا والتدخل الروسي، وأسعار النفط؟ وكيف يمكن الرافعة الخليجية ان تحمي الخليج وتنتشل الأسرة العربية؟
المصدر : النهار