كشف وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان، الثلاثاء، في مؤتمر صحفي عن تشكيل تحالف إسلامي لمكافحة الإرهاب بمشاركة 34 دولة عضوا في منظمة التعاون الإسلامي، وتأييد 10 دول إسلامية أخرى منها إندونيسيا.
وذكر البيان المشترك أن تركيا من الدول المشاركة في هذا التحالف، كما أن العلم التركي كان لافتا بلونه الأحمر وراء الأمير محمد بن سلمان بجوار العلم الباكستاني خلال المؤتمر الصحفي.
وكالة الأنباء السعودية “واس” ذكرت أن التحالف جاء “انطلاقا من أحكام اتفاقية منظمة التعاون الإسلامي لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، والقضاء على أهدافه ومسبباته، وأداء لواجب حماية الأمة من شرور كل الجماعات والتنظيمات الإرهابية المسلحة أيا كان مذهبها وتسميتها، التي تعيث في الأرض قتلا وفسادا، وتهدف إلى ترويع الآمنين”.
رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، في أول تعليقه على تشكيل التحالف، قال إن “اتخاذ البلدان الإسلامية موقفا موحدا ضد الإرهاب يعد أقوى جواب يوجه للساعين نحو ربط الإرهاب بالإسلام”.
وأكد داود أوغلو في مؤتمر صحفي عقده في مطار “أسن بوغا” بأنقرة قبيل توجهه إلى العاصمة البلغارية، أن تركيا مستعدة للمساهمة بقدر المستطاع، في حال ترتيب اجتماع لمكافحة الإرهاب، بغض النظر عن الجهة المنظمة، ووصف هذه الجهود بـأنها “خطوات صحيحة”، مرحبا بتوجيه السعودية دعوة لبلاده من أجل حضور الاجتماع الذي تمخض عنه تشكيل التحالف الإسلامي.
المفهوم من تصريحات داود أوغلو، أن تركيا انضمت إلى هذا التحالف تلبية لدعوة السعودية دون أن تجري مباحثات ودراسات تحدد أطر التحالف وأهدافه. ولم تكن هناك تقارير أو تصريحات تشير إلى التحالف قبل إعلانه. ولذلك كانت مشاركة تركيا فيه مفاجئة لم يصدقها كثيرون في تركيا إلا بعد تأكيد رئيس الوزراء التركي.
الإعلان عن تحالف إسلامي لمكافحة الإرهاب يضم كل هذه الدول العربية والإسلامية، أثار علامات استفهام كثيرة حول أهدافه، لأن “مكافحة الإرهاب” مصطلح فضفاض يستخدمه الجميع بحسب مصالحه، كما أن روسيا وإيران تخوضان في أرض الشام حربا ضد الشعب السوري وترتكبان المجازر باسم “مكافحة الإرهاب”، بل إن النظام السوري المجرم الذي قتل أكثر من 300 ألف سوري يزعم أنه يقوم بمكافحة الإرهاب.
“الإرهاب” ذاته ليس هناك تعريف له يتفق عليه الجميع، بل هناك تباينات كبيرة في تعريف الإرهاب وتحديد المنظمات الإرهابية. وعلى سبيل المثال، فإن دولا مشاركة في التحالف تعدّ جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية وتحاربها بشراسة، ودول أخرى لا تعتبرها منظمة إرهابية بل وتدعمها، وشعار “رابعة” الذي يرفعه رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان تحظره بعض الدول الأعضاء في التحالف باعتباره رمزا للإرهاب..
كما أن حركة أحرار الشام السورية أضيفت إلى قائمة الإرهاب في بعض الدول المشاركة في التحالف، فيما تراها دول أخرى من أعضاء التحالف جزءا من المعارضة السورية.
هناك أسئلة كثيرة تطرح نفسها، مثل: “أي إرهاب ستحاربه تركيا جنبا إلى جنب مع مصر السيسي؟”، و”هل سيحارب التحالف إرهاب حزب العمال الكردستاني؟”، و”ماذا عن إرهاب بشار الأسد وروسيا وإيران والمليشيات الطائفية؟”.
وإن كان الهدف الرئيس من تشكيل هذا التحالف محاربة تنظيم “داعش”، وهذا الذي يظهر، فهذا يتطلب إرسال قوات برية إلى العراق وسوريا، وبالتالي فإنه يحتاج إلى موافقة “المجتمع الدولي”، كما أشار إلى ذلك الأمير محمد بن سلمان نفسه في المؤتمر الصحفي..
ومعنى ذلك أن التحالف لا يمكن أن يتحرك في العراق وسوريا إلا في إطار التفاهمات الروسية الأمريكية.
تركيا قامت قبل أسابيع بتعزيز قواتها المتمركزة في معسكر تدريب بالقرب من الموصل لحماية الضباط الأتراك الذين يدربون عناصر الحشد الوطني السني، ليشاركوا في معركة تحرير المدينة من تنظيم “داعش”.
وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، على رأس المستنكرين لهذه الخطوة، حيث إنه تحرك بإيعاز من بعض الدول العربية وأصدر بيانا لإدانة “التدخل التركي” في العراق. ومن المضحك أن تصطف تركيا اليوم مع تلك الدول تحت مظلة “التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب”.
الشارع التركي لا يعرف حتى الآن أهداف هذا التحالف، ولكن المؤكد أن اصطفاف تركيا مع مصر السيسي وأنظمة أخرى تحارب تطلعات الشعوب المتعطشة للحرية سوف تثير موجة استياء في صفوف الإسلاميين الأتراك.
المصدر : عربي 21