تتصاعد المناوشات الكلامية بين تركيا وروسيا، ما ينذر بتحولها من حرب باردة إلى حرب ساخنة، خاصة في ظل الاستعدادات التركية السعودية لتدخل بري في سوريا، فقد اتهمت روسيا تركيا بمساعدة “جماعات جهادية جديدة ومرتزقة مسلحين” على التسلل إلى سوريا لتقديم العون لتنظيم الدولة الإسلامية وغيره من الجماعات “الإرهابية”.
وجاء الرد التركي سريعا وعلى لسان رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو الذي اتهم روسيا بالتصرف في سوريا مثل منظمة إرهابية، وقال بلهجة حازمة: “إذا واصلت روسيا التصرف كأنها منظمة إرهابية ترغم المدنيين على الفرار، فسنوجه إليها ردا حاسما جدا”، مشيراً إلى أن “روسيا وتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا ارتكبا العديد من الجرائم ضد الإنسانية. وهذه القضية ينبغي النظر فيها في إطار القانون الدولي، والنية الحقيقة لروسيا هي قتل أكبر عدد من المدنيين ودعم النظام السوري ومواصلة الحرب”.
الرد الروسي، أعربت روسيا عن قلقها البالغ حيال “الأعمال العدوانية للسلطات التركية”، وأن السياسة التركية تنم عن “دعم فاضح للإرهاب الدولي”، وهددت موسكو بالضغط لرفع المسألة إلى مجلس الأمن الدولي حتى يجري تقييما واضحا لسياسة أنقرة الاستفزازية هذه التي تشكل خطرا على السلام والأمن يتجاوز حدود الشرق الأوسط.
روسيا تمارس “البلطجة” في سوريا لدعم نظام الأسد الدموي الإرهابي، إلى جانب إيران وحزب الله والمليشيات الشيعية العراقية والأفغانية والباكستانية، ما يجعل منها شريكا بقتل نصف مليون سوري، وجرح مليوني شخص، وتشريد 14 مليون إنسان، يمثلون أكثر من نصف الشعب السوري.
الوضع المعقد ليس حكرا على تركيا وروسيا، بل تحولت سوريا إلى رقعة شطرنج للقوى الدولية والإقليمية، فقد دعا الكيان الإسرائيلي إلى تقسيم سوريا طائفيا، واستبعدت أوروبا الحل العسكري، وطالبت بحل سياسي، واعترفت بأن اليد العليا هناك لروسيا، وانقسم الموقف الأمريكي بين داعم للتنسيق مع روسيا، وبين من يرى أنها تعيد بناء إمبراطورتيها من البوابة السورية، فيما ذهبت السعودية إلى تأكيد أن الحل يبدأ بإطاحة بشار الأسد، سلما أو حربا، وطالبت موسكو بإقامة جبهة مشتركة مع واشنطن ضد داعش، بينما اعترضت فرنسا على القصف التركي للمليشيات الكردية، ورفض نظام السيسي التدخل البري على لسان وزير خارجيته رغم تأييده للتدخل العسكري الروسي. إنها سوريا التي غدت ملعبا للجميع على حساب دماء الشعب السوري.
لقد تعرضت الثورة السورية للغدر والخذلان من قبل العرب الذين تركوا السوريين يواجهون نظاما علويا حاقدا وعنيفا ينفذ عملية “إبادة جماعية” كما قالت الأمم المتحدة، ورغم هذه الإبادة يترك السوريون بلا منقذ، وبلا مساعدة حقيقية.
الأنظمة العربية بسلوكها المتخاذل المتردد تركت سوريا نهبا للاحتلال الإيراني وعبث حزب الله اللبناني والمليشيات الشيعية التي تعيث هناك فسادا، وأخيرا مرتعا للاحتلال الروسي الذي يخوض حربا صليبية مقدسة هناك.
تردد الأنظمة العربية في سوريا سيكلف العرب والسوريين غاليا، فالحرب ستكون ساخنة جدا مع أعداء الشعب السوري والعرب والإسلام، ولم يتردد رئيس الوزراء الروسي مدفيدف إلى التحذير من حرب عالمية شاملة إذا تدخلت تركيا والسعودية بريا، وهي حرب لا تريدها أمريكا وأوروبا، ما يترك الحلف المؤيد للشعب السوري في مواجهة مباشرة مع حلف الشيطان الروسي الصليبي والإيراني الفارسي والأسدي العلوي، واللبناني العراقي الشيعي، إلا إذا قلبت الأوراق وأصبحت سوريا كلها خطا ملتهبا للنار لجميع القوى الإقليمية والدولية.
المصدر : الشرق