إيران التي كانت امبراطورية عظمى، يطلق عليها امبراطورية فارس، ظلت على مر العصور تحيك الدسائس والمكائد وتشتري ذمم النفوس الرخيصة، من أجل إشاعة العداوة والبغضاء بين شعوب العالم، حتى جاء الإسلام ونشر دعوته بلسان عربي على يد أشرف الخلق وحامل الرسالة السماوية الرسول الأمين الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي بمولده انصدع إيوان كسرى وأخمدت نار الفرس المجوس.
نار الفرس تلك التي انطفأت وتهاوى عرش طاووسها أمام ضربات المسلمين وصليل سيوف جيوش الحق، التي قادها أمير المؤمنين سيدنا الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إذ دخلوا بلاد فارس فاتحين ومحررين أهلها من براثن العبودية والضلالة والكفر، ليعمَّ دين الإسلام والحق جميع مدنها وقصباتها، ويتكلم أهلها بلسان عربي طيلة سنوات حكم الدولة الإسلامية.
واليوم وبسبب الخنوع والوهن العربي، أصبحت شعوبنا مهددة بضياع لغتها العربية الأصيلة؛ نتيجة المد الإيراني الفارسي الذي يسير كالنار في الهشيم، في زمن أصبح فيه العرب أهل الأرض “مستوطنين”، تفرض عليهم وصاية الولي الفقيه والإتاوة التي يحمل عصاها من يدعون أنفسهم وأنسابهم أعرابا، كل هذا يجري أمام أنظار العالم دون أن يتحرك دم الولاة وأعراف العرب، منتفضين لعروبتهم ليتحرروا من عبوديتهم للنزق الصفوي إلا ما شاء الله.
وبسبب الخنوع والوهن العربي، جاء اليوم الفرس لينتقموا من الإسلام الذي طهرهم وهداهم إلى طريق الإيمان والصواب، وليردوا دينهم المعقود في رقابهم للمسلمين، غلا وحقدا، كراهية وعدوانا؛ إذ أصبحت بلاد فارس تتحكم علانية بالعراق وسوريا واليمن ولبنان، ولا نعلم ما البلد الآخر القادم الذي سيخر صريعا أمام هذا الغول الفارسي.
وفي هذه الأيام أخذت وتيرة التقارب بين واشنطن وطهران تتطور بسرعة أكبر في ظل إدارة الرئيس أوباما، وذلك نتيجة لتبني الحزب الديمقراطي استراتيجية جديدة تجاه إيران؛ تجلت في شهر مايو 2009 على لسان وزير الدفاع الأمريكي السابق روبيرت جيتس؛ إذ أشار إلى إمكانية التفاوض المباشر مع إيران بهدف تحسين الأوضاع الأمنية في المنطقة، وأدى ذلك التصريح إلى استياء واسع في العالم العربي حيث شعرت الدول العربية بامتعاض شديد من استبعادها عن تلك المبادرة. وفي الوقت عينه التقطت مراكز الفكر الأمريكي توجهات الإدارة الجديدة، فأخذت تنتج مادة مكثفة حول مميزات التقارب مع إيران مستعينة باللوبي الإيراني النشط في واشنطن، بقيادة الخبير الإيراني الأمريكي ولي نصر، الذي نشر عدة دراسات أوضح فيها أن الولايات المتحدة هي التي تقف خلف سياسة تمكين إيران في العالم العربي، ومع كل هذا التعاون يصرح مرشد إيران الأعلى في العلن، أن أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني هم الأعداء الأساسيون لإيران.
هذه هي حال العرب اليوم التي أصبحت كقطعة الزبد، التي تسهل مهمة غرس سكاكين الغدر فيها، إذ بعد اندلاع الاحتجاجات الشعبية في بعض الدول العربية عام 2011؛ تكشفت ملامح التعاون الأمريكي ــ الإيراني في دعم المعارضة الموالية لها في الخليج العربي؛ حيث نظمت مؤسسات دعم الديمقراطية الأمريكية دورات متقدمة للمعارضة الطائفية المرتبطة بإيران في مجال استخدام شبكات التواصل الاجتماعي لتأليب الرأي العام ضد دول الخليج العربي، كما انخرط زعماء هذه الجماعات الراديكالية في برنامج “قادة الديمقراطية” الذي رعته وزارة الخارجية الأمريكية، وشارك فيه معارضون مرتبطون بإيران.
” بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان، ومن نجد إلى يمن، إلى مصر فتطوان ” هذه الكلمات التي كانت ترطب قلوبنا وتهذب مسامعنا، أصبحنا لا نلمسها في أرض العرب، وإن مر طيفها علينا تختنق صدورنا حسرة والما، فأرضنا باتت تتكلم الأعجمية ويتحكم بها جنرالات طهران بفضل الغول الفارسي، الذي يعيث في بلادنا فسادا ودمارا.
هذه الأرض التي بعد أن كان لسان أهلها ينطق العربية، أصبحت اللغة الفارسية تولى علينا قسرا ورهبا، ولم يبق لملالي الفرس سوى أن يجعلوا من قُمِّهِم، “أما للقرى”، فيما لم يعد بمقدورنا إلا أن نردد مقولة: “لقد غَلبَت الفرسُ العربَ… فهنيئا لكم أيها العرب!”.
المصدر : الشرق القطرية