تهيمن العناوين الداخلية الأميركية على سياسات الرئيس دونالد ترامب. إلا أن ذلك لا يطغى إلا قليلاً على اهتماماته بما يدور على الساحة الدولية. يمثل نيسان المقبل، حين تتولى الولايات المتحدة رئاسة مجلس الأمن، الفرصة الفضلى للتعرف أكثر على السلة شبه الكاملة لأولويات البيت الأبيض في التعامل مع الأزمات الساخنة عبر العالم.
ثمة تساؤلات كثيرة عن موقف أميركا ترامب من تشكل “محور الشرق” بقيادة روسيا الرئيس فلاديمير بوتين. أعطت الإدارة الأميركية إشارات متضاربة عن علاقاتها بكل من حلف شمال الأطلسي ودول المجموعة الغربية، ومنها الأوروبية. اتخذت أخيراً مواقف واضحة من “الإحتلال الروسي” لشبه جزيرة القرم ومناطق أخرى في شرق أوكرانيا. تتصدر هذه القضية الأولويات الأميركية والأوروبية – الروسية نظراً الى تأثيرها المباشر على مستقبل العلاقة بين القطبين السابقين في الحرب الباردة. وكذلك تفرض كوريا الشمالية بـ”استفزازاتها” المتكررة وضعاً جديداً. تظهر تجاربها الأخيرة تقدماً جديّاً في برنامجيها النووي والصاروخي. لم يعد مجرد تهور تهديد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ – أون باستهداف أراضي الولايات المتحدة. تضاعف مستوى الخطر. هذا ما يرغم الصين أيضاً على إعادة حساباتها لمخاوفها (مع روسيا أيضاً) من التعجيل في الجهود الأميركية لنشر منصات الدفاع الصاروخي للإرتفاعات الشاهقة “ثاد” في كل من اليابان وكوريا الجنوبية.
تصميم ترامب وإدارته على القضاء على “الدولة الإسلامية – داعش” و”جبهة فتح الشام” (“جبهة النصرة” سابقاً) لا يحتاج الى الكثير من التأويل. يضطلع التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة بدور رئيسي في هذه الحرب عبر العراق وسوريا وبلدان أخرى. تبدو النهاية قريبة في العراق، حيث تتضافر الجهود العراقية، وتلك الإقليمية والدولية المختلفة وخصوصاً لايران والولايات المتحدة – ويا للمفارقة – لإستعادة الموصل. لا ينطبق الأمر ذاته على جهود واشنطن في سوريا حيث تبدو المنافسة في ذروتها مع “محور الشرق” بقيادة روسيا وايران، والآن تركيا، في سياق المعركة من أجل الحاق الهزيمة بالجماعات الإرهابية، واستعادة الرقة، عاصمة خلافتها. ثمة تساؤلات عما إذا كانت النهاية المنظورة لـ”داعش” تعني حقاً نهاية الإرهاب الإسلامي.
تركز إدارة ترامب كثيراً أيضاً على تقليم أظافر ايران والحد من نفوذها المتزايد في الشرق الأوسط. لا يزال غير واضح مدى المجازفة في التعامل مع الجمهورية الإسلامية. يشكك ترامب في صدقيتها من حيث طموحاتها النووية. يريد أن يلجم تطويرها القدرات الصاروخية الباليستية وما يعتبره “أذرعها الإرهابية” في المنطقة، ولا سيما منها “حزب الله” في لبنان وامتداداته من سوريا والعراق الى اليمن ودول أخرى. هذا ما يشكل تهديداً جغرافياً مباشراً أيضاً لإسرائيل.
بنهاية نيسان ستكتمل الأيام المئة الأولى لأميركا ترامب.
المصدر :النهار