سوريا تعيش مرحلة من الإرهاب مثل التي عاشتها فرنسا بين 1789 و1799، وفي النهاية سار القاتل في الجنازة وأدلى حاكم دمشق بصوته في ‘الانتخابات’ الرئاسية. لم يختلف عام 2014 كثيرا عن سابقه، السعودية شهدت عدة أحداث إرهابية أبرزها اعتداء مجموعة مسلحة دخيلة على حدودنا الجنوبية في منفذ الوديعة، استشهد بعدها أربعة من رجال الأمن. كذلك تم تفكيك شبكة إرهابية مكوّنة من ست خلايا في أربع مناطق في المملكة وتمّ القبض على 88 شخصا من الإرهابيين، 59 منهم سبق إيقافهم في قضايا أمنية، وهذا بالمناسبة يتطلب مراجعة صارمة لبرنامج المناصحة الذي بدأ يفقد مفعوله.
في شرق السعودية نفّذ 4 إرهابيين على ارتباط بتنظيم “داعش” اعتداء على مواطنين آمنين في قرية الدالوة في الأحساء، سالت الدماء الطاهرة، توفى سبعة من المواطنين الأبرياء، وأصيب ثلاثة عشر آخرون، واستشهد رجلا أمن.
استمر الإرهاب والقتل والتدمير في أرض الشام، واستمرت براميل الموت المتفجرة بالسقوط على المدنيين العُزَل والعالم يتفرج بصمت. ولكن ما أن اندلعت مواجهة متواضعة بين بضع محتجين والشرطة في العاصمة الأوكرانية “كييف” حتى هَبَتْ أوروبا كلها انتصارا للشعب الأوكراني “المظلوم”. تعيش سوريا اليوم مرحلة من الإرهاب مثل التي عاشتها فرنسا بين عامي 1789 و1799 والتي يصفها المؤرخون بـ”فترة الرعب”. في نهاية الأمر، سار القاتل في الجنازة وأدلى حاكم دمشق بصوته في “الانتخابات” الرئاسية، وكأن شيئا لم يكن.
العراق لم يكن في أفضل حال، فقد عانى العراقيون من جهتين، الهجمات الانتحارية الإرهابية، وتنافر القوى السياسية مما حال دون تمتع أهل الرافدين بحياة مستقرة آمنة. في تلك الأثناء، التهم ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية ثلث الأراضي العراقية في غضون أسابيع قليلة.
تمكن تنظيم داعش الإرهابي من استقطاب مقاتلين من عشرات الدول، احتلوا مبانِي حكومية، أعدموا الأسرى، شردوا عشرات الآلاف، بثوا الرعب والخوف بين الأقليات، وعاثوا في الأرض فسادا.
اقتحمت داعش مجال تصوير أفلام الرعب وبثت لقطات فيديو تظهر قطع رأس الصحفي الأميركي جيمس فولي الذي فُقد في سوريا قبل نحو عامين، تلاه شريط آخر يُظهر قطع رأس الرهينة الأميركي ستيفين سوتلوف، ثم شريط ثالث يُظهر قطع رأس موظف المساعدات البريطاني ديفيد هاينز، ثم ذبح البريطاني آلان هيننج، ثم تسجيل فيديو لذبح الرهينة الأميركي بيتر كاسيج.
التفجيرات الإرهابية تتوإلى في القاهرة مستهدفة قوات الجيش ومنشآت الدولة في سيناء وغيرها. الرئيس عبدالفتاح السيسي تعهد بمكافحة “التهديد الإرهابي” الذي تواجهه مصر. الصورة على ضفاف النيل ما زالت غير واضحة الملامح، التُهم ضد الحكم السابق شملت انتشار الفساد وقتل المتظاهرين وتصدير الغاز لإسرائيل. مصير المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ومئات آخرين من المنظمة الإرهابية مازال مجهولا، وحتى بعض الإعلاميين تخلوا عن مصداقيتهم وساندوا جماعة الإخوان المحظورة فانحدروا إلى مستنقع التهويل والإشاعات والأكاذيب.
أما ليبيا 2014 فهي حكاية أخرى. فقد اقتحم مسلحون مبنى البرلمان الليبي بعد أن هاجموه بصواريخ ومدافع مضادة للطائرات، المنظر يذكرنا بتحرك الدبابات السوفيتية متوجهة إلى مبنى البرلمان الروسي في حقبة “البريستوريكا”. سيطرت المنازعات السياسية والمناوشات العسكرية بين حكومتين وبرلمانين نصب كل منهما نفسه ممثلا حصرياً للشعب الليبي. النتيجة أن الليبيين فقدوا السلطة والسيطرة على أراضيهم ومواردهم، واستمر التناحر العسكري بين الميليشيات في حالة من الفوضى العارمة تحت راية القضاء على الإرهاب.
اليمن “غير السعيد” لم يكن أفضل حظا، فقد شهدت صنعاء والمدن الكبرى العام الماضي مزيدا من الاقتتال والإرهاب. عمت الفوضى السياسية وتنازعت الأحزاب المدججة بالسلاح لفرض سيطرتها، في وقت انهارت فيه الحكومة المركزية دون أي ملامح لاتفاق بين أطراف الصراع. في نهاية الأمر، سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء بمساعدة قوى إقليمية تسعى إلى بسط نفوذها الأيديولوجي على المنطقة. معضلة اليمن أن عدد سكانه حوالي 25 مليون نسمة يمتلكون أكثر من 80 مليون قطعة سلاح. اليمن اليوم يتجه إلى المجهول.
أما فلسطين، قضية العرب والمسلمين الكبرى، فقد عانت من المزيد من الإرهاب الإسرائيلي في حرب شرسة في عام 2014 نتج عنها أكثر من ألفي قتيل معظمهم من المدنيين و10 آلاف جريح وتدمير أكثر من مئة ألف بيت، ومئات الآلاف من المشردين. كلما اتسع الأمل بمصالحة فلسطينية شاملة، اتسعت الفجوة بين الفصائل، وازداد الإرهاب الإسرائيلي بطشا وقتلا وتشريدا ودمارا.
عنوان عام 2014 في العالم العربي كان للأسف “الإرهاب” بامتياز.
العرب اللندنية _ وطن اف ام