الأمن الإقليمي واحد من أهم الخطوط الحمراء التي يرسمها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي. دون أمن لا وجود لأي شكل من أشكال الاستقرار والتنمية والتعليم، بل وحتى من جدوى للنظر في المستقبل.
الرئيس المصري يتطابق في نظرته مع الإستراتيجية التي أرستها الإمارات في تعاملها مع المنطقة. الأمن ليس إجراءات تتخذها الدول على أرضها، بل مقاربة شاملة تراعي العوامل الداخلية والإقليمية والدولية.
الأمثلة على ما يمكن تدميره بسبب ضياع الأمن أكثر من أن تحصى. فلنلتفت حولنا ونرى دول المنطقة وما حل بها. وقبل توجيه الاتهامات يمينا ويسارا، دعونا نشارك الرئيس المصري توصيفاته. يقول السيسي من على منبر أبوظبي إننا ندمّر أنفسنا. والتدمير يشمل كل شيء. مظاهره الداعشية والميليشاوية هي الشكل الدامي. لكن التدمير كان أعمق لكي يفرز المشاهد الحاضرة على شاشاتنا، المترسّخة في بعض البلاد العربية.
اغتيلت ثقافة التسامح التي جاء بها الإسلام، وحل محلها نمط عنيف من العلاقات مع الآخرين، سواء من أبناء البلد أو مع غيرهم. تلاشى الفهم الأرحب للدين، وحلت محله تفسيرات ضيّقة وطائفية ومزاجية صار يقف من ورائها الرعاع ممّن يسمّون أنفسهم بمسميات دينية ويرتَدُون عمائم الدم والموت.
حوصرت المرأة بدعوات العفة والعزل، فخسرنا نصف المجتمع بغمضة عين. كيف تتربى الأجيال على أفكار المستقبل بيد أمهات معزولات بعيدات عن إيقاع الحياة.
“خراب البيت” على حد وصف الرئيس المصري، صار سياسة تتبناها حركات الإسلام السياسي. أنظر كيف يتعامل الإخوان أو حزب الله أو حماس مع فكرة العنف كأداة لتخويف المجتمعات، كما هي أداة لترويع الرافضين. خراب البيت هو البديل الوحيد الذي يقدمونه أمام رفض الآخرين: إما أن نحكم كما نريد، أو لا نبقي حجرا على حجر.
حملة التدمير الذاتي صارت سمة لكثيرين. المهاجر القادم لأوروبا من شمال أفريقيا أو القرن الأفريقي أو الشرق الأوسط يرمي نفسه في البحر لكي يصل سواحل أوروبا للفوز بعيش كريم. في أقل من 10 سنوات، صار هذا القادم ذاته، يفجّر نفسه في أحياء لندن أو يطلق النار على الناس في شوارع باريس. من غسل عقول هؤلاء ووجههم للتدمير الذاتي؟
السيسي كان الأقرب سياسيا وأمنيا لما كان يحدث في مصر من تخريب خلال سنة حكم الإخوان. كان شاهدا على الرغبة في إحلال ثقافة محل أخرى، ثقافة مغلوطة تقدم بدعوى الإصلاح. مصر في قلب المواجهة بكل أبعادها. وتعويل الخليج على مصر إستراتيجيا هو النظير لتعويل مصر على الدعم الخليجي. لأول مرة منذ الزلزال العراقي عام 2003 ونتائجه المتواصلة نحو خريف العنف والتطرف الذي سمّي جورا بالربيع، يقف قادة عرب من مصر والسعودية والإمارات سويا لمنع الانجراف الذي يعصف بالأمة. زيارة السيسي للإمارات محطة تاريخية سيكون ما يتبعها كبيرا وجوهريا.
العرب اللندنية _ وطن اف ام