مقالات

مأمون كيوان : تجديد الصهيونية قضية انتخابية ساخنة

يعد أمراً لافتاً إدراج قضية الصهيونية ضمن القضايا الساخنة في الحملات الانتخابية لمختلف الأحزاب السياسية الإسرائيلية. إذ أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يقدم نفسه إلى جمهور الناخبين الإسرائيليين بوصفه “هرتسل” الجديد أو “جابوتنسكي” الثاني. وسارع إلى وصف خصومه ومنافسيه مثل قائمة المعسكر الصهيوني أي تحالف حزبي: العمل والحركة بزعامة إسحق هرتسوغ وتسيبي لفني، بأنهما “أعداء للشعب وللصهيونية”.

كما لجأ إلى إقصاء بعض الحكام في اللجنة المانحة لجائزة إسرائيل للآداب، لكونهم “خونة”. بالمقابل، نعته خصومه بمبتكر ما يسمى “صهيونية التخويف” وعلى نحو خاص عندما دعا يهود أوروبا إلى مغادرتها والهجرة إلى إسرائيل لكونها “الملاذ الآمن” ليهود العالم.وفي هذا السياق، كتب البروفسور شلومو افنيري الأستاذ الفخري للعلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس- ومؤلف العديد من الكتب، من أهمها كتاب “هرتسل – السيرة الفكرية”. مقالة في عدد صحيفة هآرتس الصادر في 22/2/2015 بعنوان “لا لصهيونية التخويف” وصف فيها دعوة بنيامين نتنياهو يهود اوروبا للهجرة الجماعية إلى إسرائيل بعد الاحداث الاجرامية في باريس وكوبنهاغن، ب”خطأ سياسي وأخلاقي”.

وتساءل :”هل الحلم الصهيوني هو أن نرى أوروبا خالية من اليهود؟”. وأكد أفنيري أن العالم اليوم تغير لا يوجد اليوم حزب او شخصية لا سامية في السلطة في الدول الاوروبية، والاصل اليهودي لرئيس حزب العمال البريطاني ليس مجالا للجدل العام في بريطانيا. وتفاخر أفنيري بكون قادة أوروبا يبذلون حسب قوله”كافة الجهود للتأكيد بأن اليهود هم جزء متكامل في دولهم. عندما يعلن الرئيس الفرنسي بأن اليهود هم جزء من الامة الفرنسية، ويعلن رئيس وزراء فرنسا بأن فرنسا بدون اليهود لن تكون فرنسا – فذلك نصر ليس فقط للحرية والمساواة، ولكن ايضا لليهود”. وخلص إلى القول:” على اسرائيل ان تكون مفتوحة أمام كل يهودي يرغب في العيش فيها- وإذا تعرضت مجموعة يهودية في اي مكان للتهديد على حياتها او معيشتها، على اسرائيل ان تسارع لمساعدتها.

كما حدث في النضال من اجل يهود الاتحاد السوفييتي وهجرة يهود اثيوبيا. وانه لمن المصلحة الواضحة لإسرائيل والشعب اليهودي بكامله، ان يعيش اليهود  بأمن وسلام في اي مكان في اوروبا والعالم. ونجاح الصهيونية يتمثل في قدرتها على جذب اليهود للعيش فيها بناء على جودة الحياة في دولة اليهود، وليس من خلال الخوف القلق”. لكن شلومو يتناسى أن حجر الزاوية في الفكر الصهيوني يتمثل في توظيف الدين اليهودي واستغلال أتباعه وتضليلهم وخداعهم في سبيل أهداف سياسية محضة.

فضلاً عن اضطهاد والتنكيل ببعض اليهود الذين شكلوا تيارات معادية  ومناهضة أو معارضة للصهيونية.  والجدير ذكره، أن الأيديولوجيا الصهيونية لم تصبح مؤخراً بل هي منذ عقدين على أقل تقدير موضع تساؤل في الأوساط الإسرائيلية نفسها، لدى تيار المؤرخين الجدد وأنصار نظرية «ما بعد الصهيونية» التي تنتقد في بعض جوانبها أشكال توظيف الدين اليهودي واستثماره أو استغلاله في عملية تسويق أهداف سياسية. ويضاف إلى ما سبق الحركة الصهيونية بأيديولوجيتها ليست حركة صوفية دينية غيبية بل هي حركة سياسية عصرانية ادعت أنها “حركة تحرر قومي يهودي” انقسمت إلى مدارس وتيارات فكرية وسياسية متعددة.

وتفيد المصادر اليهودية والصهيونية والإسرائيلية بوجود نحو 50 نوعاً وتصنيفاً للصهيونية بينها: الصهيونية العامة أو الصهيونية العمومية؛ الصهيونية العلمانية؛ الصهيونية الإثنية العلمانية؛ الصهيونية الإثنية الدينية؛ الصهيونية الإثنية؛ الصهيونية الروحية؛ الصهيونية الدينية؛ الصهيونية التوطينية؛ الصهيونية الاستيطانية؛ الصهيونية الاشتراكية؛ الصهيونية العمالية؛ الصهيونية الاقتصادية؛ الصهيونية الإقليمية؛ الصهيونية الإنسانية؛ صهيونية الحد الأدنى؛ صهيونية الحد الأقصى؛ الصهيونية التوسعية؛ الصهيونية البنيوية؛ الصهيونية التصحيحية؛ الصهيونية المراجعة أو التنقيحية؛ الصهيونية التقنية أو الإلكترونية؛ الصهيونية التوفيقية؛ الصهيونية الثقافية؛ الصهيونية الأدبية؛ الصهيونية الجسمانية أو التجسيدية؛ الصهيونية الدبلوماسية الاستعمارية… ووجود هذه “التعددية” الصهيونية لا يعزز الاعتقاد القائل بتهاوي وسقوط الأيديولوجيا، بل على عكس ذلك لكونها “رافعة” استمرارية المشروع الصهيوني في فلسطين.

المدن _ وطن اف ام 

زر الذهاب إلى الأعلى