مقالات

عوض السليمان : أهلا قاسم سليماني، ثورة درعا ليست في خطر..

منذ أن تراجعت جبهة النصرة عن إعلان الإمارة الإسلامية في درعا في شهر تشرين الثاني من العام المنصرم، انتقلت الولايات المتحدة الأمريكية ومجموعة “أصدقاء سورية” إلى الخطة (ب) من أجل القضاء على الثورة في درعا، وهي تسليم المعركة إلى إيران. كانت واشنطن على الخصوص، تبذل كل جهدها حتى يتم إعلان إمارة إسلامية في حوران، فتجد المسوغ لضرب درعا وحرق مدنها وقراها والقضاء نهائياً على الثورة السورية. ولكن عقلانية الثوار في درعا ومن الأطراف جميعها، حال بين أمريكا وتنفيذ ذلك، فلم يكن أمام الولايات المتحدة إلا أن تتجه إلى العصابات الإرهابية الشيعية لتمكين الأسد من الجنوب السوري.

يلحظ المتابع لما يحدث في حوران، انتصارات الثوار المتوالية في القرى الشرقية والغربية دون استثناء، ويلحظ اندحار العدو على طول الجبهات المفتوحة في درعا. أضف لذلك أن وجود تنظيم الدولة لا يزال محدوداً إلى درجة كبيرة، وفوق ذلك فإن الحاضنة الشعبية استمرت بعلاقاتها المتينة مع الثوار إلى اليوم، وبالتالي لم تجد الولايات المتحدة سبيلاً واضحاً لإعادة سيطرة الأسد على درعا، إلا عن طريق إيران وذيولها في المنطقة.

قبل عدة أشهر أعلن مسؤولون عسكريون أمريكيون أنهم سيقدمون مساعدات قتالية إلى ثوار الجنوب، ونبهنا وقتها أن المقصود بذلك، لفت أنظار الأسد إلى المدينة الثائرة ومحاولة تدميرها سريعاً، وتشجيعه على اقتحامها، وكانت تلك مجرد رسالة مشفرة بين الحليفين الشيعي والأمريكي للقضاء على الثورة في مهدها. التقط بشار الأسد الرسالة كما التقطتها إيران، وانصبت البراميل على المدينة وقراها، واستنفر العدو كثيراً من جنوده ومقاتلاته، إلا أن أهل درعا صمدوا بل وحققوا انتصارات معاكسة على طول الجبهات، كان أهمها في القرى الغربية من المحافظة.

لم تنجح واشنطن برسالتها تلك، ولم تجد طريقة لإثبات وجود “الإرهابيين” في درعا، ولما كانت قلقة من سقوط حليفها في دمشق، بسبب موقع درعا الجغرافي وقربها من العاصمة، وتماسك ثوارها وصبرهم على القتال، عمدت إلى طريقة جديدة، وذلك من خلال يدها في المنطقة، أقصد إيران والميلشيات الشيعية المتحالفة معها. وفي الوقت نفسه منع الدول الإقليمية المجاورة من مساعدة الثوار أو مدّ يد العون إليهم، فهم مشغولون بمحاربة “الإرهاب” في الشمال وخائفون من تناميه في الجنوب.

بناء آلاف الخيم في قرى درعا قبل مدة ينذر بأن العالم ينوي أن يشرد أهل المحافظة، إصابة رستم غزالة وإخفائه من الجنوب مع احترافه الإجرام والعبودية “لرئيسه” يؤكد حاجة الأسد لمن هو أشد وحشية وبربرية، وأقل رحمة بسكان المحافظة على اعتبار أن غزالة من أبناء درعا، وقد يساوره بعض التردد “أو الخجل” في حرق أهله وقراهم .

تحول الأصوات الأمريكية المنادية بتسليح الثوار إلى العكس، وتأكيدها على عدم جواز ذلك وأنها أخطأت بطلبها الأول، يشير إلى رغبة واشنطن بتسليم درعا للأسد.

لا تزال الولايات المتحدة ملتزمة بوعودها لبشار، بمساعدته وتمكينه من رقاب الشعب السوري طالما أن الرجل التزم بتسليم السلاح الكيماوي وتقتيل السنة وحماية أمن الكيان الصهيوني.

اليوم تتحضر المعركة في درعا، الثوار تحت الضغط وشح المساعدات، والأسد بنيرانه وطائراته، وفوق ذلك عربات وشاحنات جند وأسلحة ثقيلة تقودها إيران بشكل مباشر، وعلى رأس كل ذلك قاسم سليماني، الـقائد في الحرس الثوري الإيراني، الحافل بالسجل الإجرامي.

ومع كل ما سبق وكما كانت درعا شرارة الثورة، فإنني أجزم باستمرار نيرانها، وإن ثوارها يجهزون استقبالاً حافلاً للعصابات الإيرانية ويتشوقون لوصول سليماني، ويحضرون له ما هو أحر من الجمر.

زمان الوصل _ وطن اف ام 

زر الذهاب إلى الأعلى