مقالات

ثائر الزعزوع : السنة الرابعة.. بالذبح جئناكم

مرت أربع سنوات على انطلاق الثورة السورية ضد نظام حكم الرئيس بشار الأسد، وقد احتفل السوريون في منافيهم وفي الداخل بشكل أقل، مؤخرا، بذكرى أول مظاهرة خرجت في سوق الحميدية وسط العاصمة دمشق منددة بالحكم الاستبدادي، ومطالبة برفع حالة الطوارئ وإطلاق الحريات، وقد ووجهت تلك المظاهرة كما كل المظاهرات التي تلتها بالحديد والنار، وصولا إلى تحول الثورة السلمية بعد ستة أشهر من انطلاقتها إلى ثورة مسلحة رفعت شعار الكفاح المسلح

وقد شهدت منذ ذاك التاريخ تغيرات وتقلبات عدة، لكن أبرز تلك التغيرات قد يكون حدث خلال العام الفائت، إذ تسيد تنظيم الدولة الإسلامية المشهد، وبرز كقوة لا يستهان بها على الأرض السورية، ممتدا من العراق ومبشرا بمزيد من التمدد رافعا شعارا مختلفا كليا عن باقي الشعارات، إذ ما يفتأ أعضاء التنظيم يغنون وهم يلوحون بسيوفهم وخناجرهم: بالذبح جئناكم.

وإن كان هذا التوصيف يحمل في طياته الكثير من السوداوية، إلا أن واقع الحال يحمل سوداوية أكثر، إذا ما علمنا أن ثلث الأرض السورية غير الخاضعة لسيطرة نظام الأسد باتت تحت سيطرة تنظيم داعش، واضطر الآلاف من مواطنيها، الذين كانوا مشاركين في تظاهراتها السلمية، أو حاملي سلاح في كتائب الجيش الحر، إلى الفرار والتحول إلى لاجئين في دول الجوار بعد أن باتوا ملاحقين من قبل عناصر تنظيم داعش الذين قاموا بتنفيذ عمليات إعدام انتقامية من مقاتلي الجيش الحر بتهمة الردة، حدث هذا في محافظتي دير الزور والرقة اللتين أحكم التنظيم سيطرته عليهما، وأطلق عليهما أسماء جديدة، فاكتست المحافظتان بالسواد، وتم القضاء على آخر ملامح الثورة.

بالتزامن مع هذه السيطرة المطلقة لتنظيم الدولة الإسلامية، تبرز أيضا بعض الكتائب الإسلامية المتشددة مثل جبهة النصرة وقد أحكمت قبضتها على مناطق أخرى، وفرضت شروطها وقوانينها الخاصة أيضا، فطاردت الناشطين المدنيين ومقاتلي الجيش الحر مطالبة الجميع بالانضواء تحت رايتها.

وبعدما كانت المرأة السورية حاملا استثنائيا للثورة منذ اندلاع شرارتها الأولى، سواء في مظاهرة سوق الحميدية الشهيرة، أو في الاعتصام أمام وزارة الداخلية، أو في مظاهرات حمص ودرعا ودير الزور وسواها، باتت الآن مختفية تحت قناع أسود، ومطاردة بفتاوى التكفيريين الذين نفذوا حدود الرجم والصلب والجلد، عشرات المرات، في مختلف المناطق، حتى لم تعد هناك نساء يسرن في الشوارع.

وإن كانت ملامح الثورة ما زالت موجودة في بعض المناطق التي لم تصل إليها سيوف التكفيريين، إلا أن ذلك لا يعني أن الثورة تمتد على كافة الرقعة الجغرافية الخارجة عن سيطرة نظام بشار الأسد، الذي يبدو الكاسب الأكبر من هذه الحالة، خاصة بعد أن أبدت واشنطن، والتي يقول السوريون إنها خذلتهم مرارا وتكرارا، وعلى لسان وزير خارجيتها جون كيري مرونة في إمكانية التفاوض مع نظام الأسد لأجل الوصول إلى حل سياسي يوقف الصراع الدائر في سوريا.

علما أن الإدارة الأميركية كانت رأس الحربة، كلاميا، طيلة السنوات الأربع الماضية في عملية إسقاط الشرعية عن نظام الأسد والاعتراف بالكيانات السياسية المعارضة له، بدءا بالمجلس الوطني وصولا إلى ائتلاف قوى الثورة والمعارضة.

قد يبدو هذا التغير في الموقف الأميركي ومع دخول الثورة عامها الخامس انعطافة لم تكن محسوبة، وقد تحمل خلال الأشهر القريبة القادمة قيام واشنطن بتجريد المعارضة السياسية من بعض الاعتراف الذي منحته إياها في وقت سابق، رغم أن واشنطن نفسها كانت قد أعلنت عن بدء عملية تدريب من أسمتهم بالمعارضة المعتدلة لأجل التصدي لقوات الأسد ولتنظيم داعش على حد سواء.

فهل يشكل العام الخامس للثورة عاما للحسم تقوده واشنطن بطريقتها وبأيد سورية دون أن تتورط على الأرض؟

أم أن من بقي من المؤمنين بالثورة والمدافعين عن شعاراتها الأولى، والذين احتفلوا بمرور أربعة أعوام على انطلاقتها قادرون على قلب الطاولة على الجميع، والوصول بثورتهم إلى ما كانوا يحلمون به؟

العرب اللندنية _ وطن اف ام 

زر الذهاب إلى الأعلى