فقَد سهم شركة سيارات «فولكسفاغن»، وهي أضخم شركة سيارات في أوروبا، ربع قيمته تقريباً في بورصة فرانكفورت يومي أمس وأول من أمس، بعد إعلان الولايات المتحدة بدء تحقيقات بيئية وجنائية حول تلاعب فرع الشركة بمعدلات التلوث الصادرة عن سيارات الديزل المباعة، ومسارعة رئيس الفرع الأميركي ورئيس مجلس إدارة الشركة في ألمانيا على الاعتراف بالأمر. وبذلك تكون الشركة تكبدت في اليومين الماضيين خسارة موجعة في البورصة قيمتها 27 بليون يورو.
ويمكن أن تقصم عملية الخداع هذه ظهر الشركة، وتؤثر سلباً ليس فقط في أعمالها بل في الاقتصاد الألماني عموماً، على حد ما تخوّف منه معهد البحوث الاقتصادية في برلين «دي إي في» الذي توقع أن «يكون لتبعات الفضيحة تأثير مباشر في ارتفاع معدل البطالة في ألمانيا»، في حال اضطرت الشركة إلى إغلاق عدد من مصانعها بسبب فقدان سمعتها وصدقيتها وهروب الزبائن منها.
ورجّحت مصادر أميركية مطلعة أن تصدر المحكمة الناظرة في القضية حكماً على الشركة بدفع غرامة تصل إلى 18 بليون دولار، من دون احتساب دعاوى الزبائن على الشركة لمطالبتها بتعويضات تصل في الولايات المتحدة بسرعة إلى بلايين من الدولارات. وفي حال انطبق ذلك على دول أخرى يعتقد خبراء أن الفضيحة «قد تكسر في النهاية ظهر الشركة التي تملك حكومة ولاية سكسونيا المنخفضة قسماً من رأس مالها، وتجعل منها قزماً بعد تاريخ طويل وحافل جعل منها أسطورة منذ إنتاجها «سيارة الشعب»، وهي الترجمة الفعلية لاسمها الحالي أيضاً.
وبعد قيام وكالة الحماية البيئية الأميركية بفتح تحقيق في الأمر على الفور، أعلنت وزارة العدل الأميركية بدء تحقيق آخر يتعلّق بارتكاب خداع عن سابق تصوّر وتصميم لبيع سيارات ديزل على أنها سيارات صديقة للبيئة. كما أكد مشرّعون أميركيون أن أعضاء لجنة في مجلس النواب الأميركي سيعقدون جلسة في شأن انبعاثات سيارات الديزل التي تنتجها «فولكسفاغن» خلال الأسابيع المقبلة. وستناقش «اللجنة الفرعية للإشراف والتحقيقات» في المجلس مشكلات سيارات الديزل التي باعتها الشركة في الولايات المتحدة بين عامي 2008 و 2015.
واتهمت وكالة الحماية البيئية الشركة، بتزويد سيارات الديزل برنامج «سوفت وير» يُظهر لدى إجراء اختبار التلوث انبعاث مواد ملوثة أقل من التلوث الفعلي الصادر أثناء سيرها على الطرق. وسارعت الشركة إلى استدعاء أكثر من نصف مليون سيارة مباعة في الولايات المتحدة لتغيير «السوفت وير»، وإلى وقف بيع كل طرازات الديزل المعنية بالأمر.
ويتعلق الأمر هنا بمحركات سيارات ديزل تحمل رقم «أي أ 189» يبلغ عددها وفقاً لناطق باسم الشركة، 11 مليون سيارة بيعت في دول عدة. واعترف الناطق بأن شركته لجأت «بعد تحقيق داخلي أجرته أخيراً إلى وضع 6,5 بليون يورو في صندوق خاص كاحتياط»، ما فسره مراقبون بأنه لدفع تكاليف التصليحات التي ستترتب عن استدعاء ملايين السيارات المعنية.
وفي وقت أعلنت وزارة المواصلات الألمانية أمس «التحقيق» بدورها في ما إذا كانت الشركة تلاعبت بمعدلات تلوث سيارات الديزل في ألمانيا، صرح مسؤولو كوريا الجنوبية أنهم سيفتحون بدورهم تحقيقاً في الأمر. ويمكن السبحة أن تكر في الصين أيضاً، التي تُعتبر أكبر سوق سيارات للشركة الألمانية، صرّفت فيها 40 في المئة من مبيعاتها العام الماضي، ما جعلها تحتل المرتبة الثانية في العالم بعد «تويوتا».
المصدر : الحياة