قال مسؤولون عراقيون، إن تنظيم “داعش” تمكن خلال الاشهر الستة الماضية من السيطرة على مقدرات اقتصادية كبيرة في الجانبين (النفطي، والزراعي) في محافظات الأنبار وديالى وصلاح الدين ونينوى وكركوك (شمال)، باتت تحصنه من اي محاولات لمحاصرته اقتصاديا لعدة سنوات.
ولايزال التنظيم المتطرف يحقق تقدما في بعض المناطق خصوصا في الانبار(غرب) وصلاح الدين(شمال) رغم خسارته مساحات واسعة في ديالى (شرق).
وتمكن التنظيم من الاستيلاء على مخازن وزارة الزراعة في محافظتي كركوك ونينوى والتي تضم كميات كبيرة من محصول الذرة (محصول استراتيجي)، اضافة الى مصادرة معدات زراعية ومنظومات للري كانت محفوظة بمخازن في كركوك ونينوى بالإضافة الى مصادرة أطنان من الأسمدة من مخازن الزراعة في المحافظتين، بحسب فرات التميمي العضو في لجنة الزراعة في البرلمان العراقي.
وقال التميمي، في تصريح لـوكالة “الأناضول”، إن “اللجنة طلبت رسميا من وزارة الزراعة حصر جميع الاضرار التي لحقت بممتلكاتها في نينوى وكركوك لمعرفة الكميات التي سرقت من المحاصيل والمعدات الزراعية”.
وأضاف، أن “قسما من المعدات الزراعية والمحاصيل جرى نقلها الى سوريا وبيعها هناك، مما أضاف موردا ماليا كبيرا لتنظيم داعش، وأصبح بمأمن من اي نوع من محاولة محاصرته اقتصاديا”.
وقالت وزارة الزراعة العراقية الاسبوع الجاري إن نحو مليون طن من محصول الحنطة ( القمح) استحوذ عليها تنظيم “داعش” من الحقول الزراعية في محافظة نينوى والذي تسبب بمنع العراق من الوصول الى الاكتفاء الذاتي من المحصول.
وبالإضافة الى سيطرة التنظيم من أحداث يونيو/ حزيران الماضي على معدات عسكرية تعود لأربع فرق قتالية وعززها بمعدات قتالية أخرى في معاركه بمحافظتي صلاح الدين(شمال) والانبار(غرب)، عزز اقتصاده بتهريب النفط من عدة حقول نفطية تخضع تحت سيطرته.
وتقول وزارة النفط العراقية، إن عمليات تهريب النفط من قبل تنظيم “داعش” كانت واحدة من اسباب هبوط اسعاره في الاسواق العالمية والتي وصلت الى نحو 60 دولار وهو أكبر هبوط تشهده اسعار النفط منذ عام 2005.
ويرى المتحدث باسم الوزارة عاصم جهاد في تصريحه لـ”الأناضول”، أن “تهريب النفط يشكل جزءا من ازمة هبوط اسعار النفط في الاسواق العالمية، اضافة الى وفرة النفط من خارج منظمة الاوبك، والابقاء على مستويات الانتاج النفطي ساهم ايضا بتراجع الاسعار”.
وتراجع الاقتصاد العراقي الذي يعتمد على 95 % من ايراداته على النفط خلال العام الحالي 2014 بسبب الازمة الامنية واتساع المعارك مع تنظيم “داعش” الى جانب الازمة السياسية بين الحكومة الاتحادية واقليم شمال العراق.
ووفقا لرؤية عضو السياسات الاقتصادية في وزارة التخطيط العراقية لـ”الأناضول”، فان “التوجه إلى تحجيم تنظيم داعش من الناحية الاقتصادية سابق لأوانه في ظل انتعاش اقتصاده في شتى المجالات ابرزها النفطية والزراعية.
واضاف فلاح حسن، أن “داعش حقق مكاسب اقتصادية كبيرة خلال فترة قصيرة في سوريا والعراق، واستنزاف تلك المكاسب يتطلب جهدا امنيا مترافقا مع الجهد السياسي،” موضحا أن “داعش بات محصنا لعدة سنوات من اي احتياج على المستوى الزراعي والنفطي وحتى العسكري”.
وفي 10 يونيو/ حزيران الماضي، سيطر التنظيم على مدينة الموصل مركز محافظة نينوى، شمالي العراق، قبل أن يوسع سيطرته على مساحات شاسعة في شمال وغرب وشرق العراق، وكذلك شمال وشرق سوريا، وأعلن في نفس الشهر، قيام ما أسماها “دولة الخلافة”.
ولايزال الغموض يلف الكيفية التي تمكن بها التنظيم من السيطرة على مدينة الموصل مع انسحاب 4 فرق عسكرية قتالية من دون خوض أي معركة مع المسلحين المتشددين وهروب قادة كبار بالجيش إلى إقليم شمال العراق.
ومنذ بداية العام الجاري، تخوض قوات من الجيش العراقي معارك ضارية ضد تنظيم “داعش” في أغلب مناطق محافظة الأنبار ذات الأغلبية السنية، وازدادت وتيرة تلك المعارك بعد سيطرة التنظيم على الأقضية الغربية من المحافظة (هيت، عانة، راوة، القائم، والرطبة) إضافة الى سيطرته على المناطق الشرقية منها (قضاء الفلوجة والكرمة) كما يسيطر عناصر التنظيم على أجزاء من مدينة الرمادي.
ويشن تحالف غربي – عربي، بقيادة الولايات المتحدة، غارات جوية على مواقع لـ “داعش”، الذي يسيطر على مساحات واسعة في الجارتين العراق وسوريا.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، قدر تقرير لمؤسسة “كارنيجي” للسلام الدولي أن تبلغ إيرادات التنظيم نحو 1.5 مليار دولار في السنة، موضحا أنها تجعله التنظيم الأكثر ثراء في العالم، لكنها لا تسمح “للخلافة الإسلامية”، التي أعلن عن إقامتها في حلب بسوريا إلى ديالى في العراق، بأن تكون قابلة للحياة في المدى الطويل.
قسم الاخبار – وطن اف ام