تشير التقارير الرسمية والصحفية، إلى تكبد اسرائيل وفلسطين خسائر معلنة بأكثر من 8.3 مليار دولار أمريكي، من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة خلال الأربعة أسابيع الماضية.
ورغم حالة التعتيم الإعلامي الإسرائيلي، على حقيقة حجم الخسائر الاقتصادية التي تعرضت لها إسرائيل والرقابة العسكرية المفروضة على وسائل الإعلام، إلا أن إحدى أهم الصحف الاقتصادية في إسرائيل (ذي ماركر)، قدرت أمس الأحد، حجم الخسائر خلال الأربع أسابيع الماضية بنحو 1.5٪ من إجمالي الناتج المحلي، أي قرابة 15 مليار شيكل (4.3 مليار دولار أمريكي).
ويشمل هذا المبلغ بحسب الصحيفة، على خسائر القطاعات الاقتصادية الرئيسية (السياحة، الاستثمار، الخدمات المالية، والخدمات)، إضافة إلى الخسائر الناتجة عن توقف الإنتاج في مناطق وسط وجنوب إسرائيل، بسبب وقوعها في مرمى الصواريخ الفلسطينية المنطلقة من غزة.
كما يشتمل المبلغ، على الخسائر العسكرية والنفقات، كرواتب جنود الاحتياط البالغ عددهم أكثر من 65 ألفاً تم استدعائهم، ونفقات الأسلحة التي تم إطلاقها على قطاع غزة، والخسائر التي تعرضت لها الآلات الحربية بفعل صواريخ الفصائل.
ولم تعلن أية مؤسسة رسمية إسرائيلية، كيفية احتساب قيمة الخسائر والمنهجية التي اتبعتها لقياسها، وتوزيع الخسائر على كل قطاع، بسبب عدم سماح الرقابة العسكرية بنشر هذه الأرقام على وسائل الإعلام.
واعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور نصر عبد الكريم، إن الخسائر الأكبر هي التي ستكون على المدى البعيد، ويصعب قياسها في الوقت الحالي، ممثلاً بإعادة عجلة الاقتصاد الإسرائيلي إلى الدوران.
وأضاف عبد الكريم، لوكالة الأناضل، إن الأمر الأهم، هو مصير اقتصاد المناطق في وسط وجنوب إسرائيل، “وهل ستفي الحكومة الإسرائيلية بتعويض المتضررين من أرباب العمل في تلك المناطق أم لا”.
وقالت ذي ماركر، أمس الأحد، إن المتضررين في مناطق وسط وجنوب إسرائيل، لم يتلقوا حتى الآن شيكل واحد كتعويض عما لحق بهم.
وقدّر وزير الأشغال العامة والإسكان في حكومة التوافق الوطني الفلسطينية مفيد الحساينة، خسائر الاقتصاد الفلسطيني بأكثر من 4 مليار دولار أمريكي، شاملة الخسائر الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة.
وذكر الوزير في اتصال هاتفي مع وكالة الأناضول، أن تلك الخسائر تم رصدها منذ بداية الحرب على غزة وحتى يوم الخميس الماضي، مشيرا إلى إن الناتج المحلي لقطاع غزة توقف بشكل كامل لمدة شهر تقريباً، “حيث ذهبت الحصة الأكبر للخسائر إلى توقف الأسواق عن العمل، والتزام العاملين منازلهم، فيما تعرضت البنية التحتية إلى أضرار بنسبة 70٪.
وتابع: “من الصعوبة رصد الخسائر التي نتعرض إليها جراء الحرب يوميا، لكن ما لدينا من احصائيات تغطي الفترة منذ بداية الحرب وحتى نهاية الأسبوع الماضي”، ولم يُفصل الحساينة أبرز أضرار غزة، إلا أن أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح نافذ أبو بكر، قال إن القطاع الزراعي وقطاع صناعة النسيج، من أكثر القطاعات تضرراً.
وقدر، خلال لقاء مع وكالة الأناضول، حجم ضرر هذين القطاعين بأكثر من مليار دولار أمريكي، لأنهما يشغلان نحو 40٪ من إجمالي العاملين في قطاع غزة، مشيراً إلى أن أسواق التجزئة تكبدت خسائر تجاوزت 500 مليون دولار أمريكي.
وأضاف، إن قطاع الإنشاءات والخسائر العمرانية خسرت أكثر من 600 مليون دولار أمريكي، إضافة إلى خسائر ناتجة عن توقف الناتج المحلي الإجمالي لمدة 25 يوماً، بسبب توقف عجلة الاقتصاد (مليار دولار).
وقال إن خسائر الصناعات “رغم بدائيتها، ممثلة بصناعة الأغذية، وصناعة الأثاث، وما يتبعها من عمليات تجارية واستيراد المواد الخام الأولية، فإن خسائرها تقدر بنحو 300 مليون دولار أمريكي، والقيمة المتبقية نحو 600 مليون هي خسائر اقتصادية غير مباشرة ناتجة عن ارتفاع معدلات البطالة والفقر وتدمير البنى التحتية”.
وبحسب أرقام صادرة عن وزارة العمل مطلع الأسبوع الجاري، بلغت نسبة البطالة في غزة خلال الشهرب الماضي إلى 55٪، وهي أعلى نسبة يسجلها القطاع على الإطلاق.
ولم تكن الضفة الغربية بعيدة عن التعرض لضرر اقتصادي بفعل العدوان على غزة، لكن هذه الأضرار هي غير مباشرة، بحسب عبد الكريم، ممثلاً بتراجع القوة الشرائية لدى سكان الضفة.
وقال، “في شهر رمضان وفترة العيد لم تشهد الأسواق الحركة المعهودة التي كانت في كل عام، وهو أمر مرتبط بسلوك المستهلكين، الذي يكونون أكثر حذراً في ظروف استثنائية، كالتي يعيشونها في الوقت الحالي”.
وتابع: “يصعب في الوقت الحالي قياس قيمة الخسائر، لكنها ستظهر مع الإعلان عن نسب النمو والناتج المحلي الإجمالي، ونسب البطالة والقوة الشرائية في بيانات الربع الثالث من العام الجاري”.
وطن اف ام